فذلك الطير كالجسم هنا صورة حييت بهذا الروح الذي كان يحيا به هذا الجسم و كما تطلع الشمس في اليوم الثاني علينا فتستنير الموجودات بنورها كذلك الروح يطلع في يوم الآخرة على هذه الأجسام الميتة فتحيا به فذلك هو النشر و البعث
[إن اللّٰه أوجد الصورة]
و اعلم أن الصور أوجده اللّٰه على صورة القرن و سمي بالصور من باب تسمية الشيء باسم الشيء إذا كان مجاورا له أو كان منه بسبب و لما كان هذا القرن محلا لجميع الصور البرزخية التي تنتقل إليها الأرواح بعد الموت و في النوم فيه سمي صورا جمع صورة و شكل القرن أعلاه واسع و أسفله ضيق على شكل العالم أين سعة العرش من ضيق الأرض و تنتقل القوي مع الروح إلى تلك الصورة البرزخية نوما و موتا و لهذا تكون دراكة بجميع القوي سواء فقد أعلمتك بما هو الأمر عليه و من هنا زل القائلون بالتناسخ لما رأوا أو سمعوا أن الأنبياء قد نبهت على انتقال الأرواح إلى هذه الصور البرزخية و تكون فيها على صور أخلاقها و رأوا تلك الأخلاق في الحيوانات تخيلوا في قول الأنبياء و الرسل و العلماء أن ذلك راجع إلى هذه الحيوانات التي في الدار الدنيا و إنها ترجع إلى التخليص و ذكروا ما قد علمت من مذهبهم فأخطئوا في النظر و في تأويل أقوال الرسل و ما جاء في ذلك من الكتب المنزلة و رأوا النائم يقرب من هذا الأمر الذي شرعوا فيه فاستروحوا من ذلك ما ذهبوا إليه فما أتى عليهم إلا من سوء التأويل في القول الصحيح و هذا معنى قوله ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ [المائدة:48]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية