﴿يَفْعَلُ مٰا يُرِيدُ﴾ [البقرة:253] و كذلك فيه أيضا القوة الدافعة و بها يعرق البدن فإن الطبيعة ما هي دافعة بمقدار مخصوص لأنها تجهل الميزان و هي محكومة لأمر آخر من فضول تطرأ في المزاج تعطيها القوة الشهوانية و كذلك أيضا هذا كله سار في جميع البدن علوا و سفلا و أما سائر القوي فمحلها النصف الأعلى و هو النصف الأشرف محل وجود الحياتين حياة الدم و حياة النفس فأي عضو مات من هذه الأعضاء زالت عنه القوي التي كانت فيه من المشروط وجودها بوجود الحياة و ما لم يمت العضو و طرأ على محل قوة ما خلل فإن حكمها يفسد و يتخبط و لا يعطي علما صحيحا كمحل الخيال إذا طرأت فيه علة فالخيال لا يبطل و إنما يبطل قبول الصحة فيما يراه علما و كذلك العقل و كل قوة روحانية و أما القوي الحسية فهي أيضا موجودة لكن تطرأ حجب بينها و بين مدركاتها في العضو القائمة به من ماء ينزل في العين و غير ذلك و أما القوي ففي محالها ما زالت و لا برحت و لكن الحجب طرأت فمنعت فالأعمى يشاهد الحجاب و يراه و هو الظلمة التي يجدها فهي ظلمة الحجاب فمشهده الحجاب و كذلك ذائق العسل و السكر إذا وجده مرا فالمباشر للعضو القائم به قوة الذوق إنما هو المرة الصفراء فلذلك أدرك المرارة فالحس يقول أدركت مرارة و الحاكم إن أخطأ يقول هذا السكر مر و إن أصاب عرف العلة فلم يحكم على السكر بالمرارة و عرف ما أدركت القوة و عرف أن الحس الذي هو الشاهد مصيب على كل حال و أن القاضي يخطئ و يصيب
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية