فأعطى الهدى أيضا الذي هو البيان هنا خلقه فأبان الأمر بعبيده على أكمل وجوهه عقلا و شرعا ما أبهم و لا رمز و لا لغز ﴿إِنْ هُوَ إِلاّٰ ذِكْرٌ وَ قُرْآنٌ مُبِينٌ﴾ [يس:69] ... ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنّٰاسِ مٰا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل:44] و لو لا البيان ما فصل بين المتشابه و المحكم ليعلم أن المتشابه لا يعلمه إلا اللّٰه : و المحكم يتعلق به علمنا فلو لم ينزل المتشابه لنعلم أنه متشابه لكوننا نرى فيه وجها يشبه أن يكون وصفا للمخلوق و يشبه أن يكون وصفا للخالق فلا يعلم معنى ذلك المتشابه إلا اللّٰه فلو لم ينزل المتشابه لم يعلم أن ثم في علم اللّٰه ما يكون متشابها و هذا غاية البيان حيث أبان لنا أن ثم ما يعلم و ثم ما لا يعلمه إلا اللّٰه و قد يمكن أن يعلمه اللّٰه من يشاء من خلقه بأي وجه شاء أن يعلمه و مما يتضمن هذا المنزل العلم بالأقسام الإلهية التي وردت في الشرائع المتقدمة و المتأخرة لما أقسم و إذا أقسم بمن أقسم هل بنفسه أو بمخلوقاته أو بهذا وقتا و بهذا وقتا آخر مثل قوله ﴿تَاللّٰهِ لَقَدْ أَرْسَلْنٰا﴾ [النحل:63] فأقسم بالله و كقوله ﴿فَوَ رَبِّكَ﴾
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية