و هو عين ما يمحو قال ﴿وَ يُثْبِتُ﴾ [الأنفال:11] و هو عين ما يثبت ف ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] في هذا الحكم و به شهد له العلم الصحيح الموهوب فعلم الدليل ينفيه إذ لم يكن بيده منه و لا له تعلق بسوى صفات السلب و التنزيه و علم الكشف يثبته و يبقيه و لا يبدو له مظهرا لا و يراه فيه و العلمان صحيحان فهو لكل قوة مدركة بحسبها ليعرفها أنها ما زالت عن منصبها و أنها لم تحصل بيدها من العلم بالله إلا ما هي عليه في نفسها فذاتها عرفت و نفسها وصفت فخرج عن التقييد و الحدود بظهوره فيها ليكون هو المعبود فقد قضى أن لا يعبد إلا إياه : فكانت الأصنام و الأوثان مظاهر له في زعم الكفار فأطلقوا عليها اسم الإله فما عبدوا إلا الإله و هو الذي دل عليه ذلك المظهر فقضى حوائجهم و سقاهم و عاقبهم إذ لم يحترموا ذلك الجناب الإلهي في هذه الصورة الجمادية فهم الأشقياء و إن أصابوا أو لم يعبدوا إلا اللّٰه فانظر إلى هذا السريان الوجودي في هذه المظاهر كيف سعد به قوم و شقي به آخرون قال بعضهم كل ما تخيلته في نفسك أو صوره وهمك فالله بخلاف ذلك فصدق و كذب و أظهر و حجب و قال الآخر لا يكون الحق مدلولا لدليل و لا معقولا للعقول لا تحصله العقول بأفكارها و لا تستنزله المعارف بأذكارها فإذا ذكر فبه يذكر و به يفكر و يعقل فهو عقل العقلاء و فكرة المفكرين و ذكر الذاكرين و دليل الدالين لو خرج عن شيء لم يكن و لو كان في شيء لم يكن فهذا قد أبنت لك ما أثره الاصطلام اللازم و أن العلماء هم المقربون الذين أدركوا هذا المشهد الأحمى و هذه المعرفة العظمى و من سواهم فقد نصب له علامة يعبدها و حقيقة يشهدها و هي ما انطوى عليه اعتقاده لدليل قام عنده أو قلد صاحب دليل فهو عند نفسه قد ظفر بمطلوبه و اعتكف على معبوده و سكن إليه و استراح من الحيرة و كفر بما ناقض ما عنده و كفر بلا شك غيره ممن اعتقد غير معتقده فلهذا يكفر بعضهم ببعض و يلعن بعضهم بعضا : دنيا و آخرة و العالم المحقق لما هو الأمر في عينه يتفرج في ذاته و في العالم ظاهره و باطنه فهو العين المصيبة و هو المثل المنزه المنصوص عليه الذي نفى الحق أن يماثل أو يقابل بقوله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية