[مراتب العالم في السعادة و الشقاء]
ثم إن اللّٰه جعل لكل عالم مرتبة في السعادة و الشقاء و منزلة و تفاصيلها لا تنحصر فسعادتها بحسبها فمنها سعادة غرضية و منها سعادة كمالية و منها سعادة ملائمة و منها سعادة وضعية أعني شرعية و الشقاوة مثل ذلك في التقسيم بما لا يوافق الغرض و لا الكمال و لا المزاج و هو غير الملائم و لا الشرع و ذلك كله محسوس و معقول فالمحسوس منه ما يتعلق بدار الشقاء من الآلام في الدنيا و الآخرة و يتعلق بدار السعادة من اللذات في الدنيا و الآخرة و منه خالص و ممتزج فالخالص يتعلق بالدار الآخرة و الممتزج يتعلق بالدار الدنيا فيظهر السعيد بصورة الشقي و الشقي بصورة السعيد و في الآخرة يمتازون و قد يظهر الشقي في الدنيا بشقاوته و يتصل بشقاء الآخرة و كذلك السعيد و لكنهم مجهولون و في الآخرة يمتازون ﴿وَ امْتٰازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ [يس:59] فهنالك تلحق المراتب بأهلها لحوقا لا ينخرم و لا يتبدل
[حملة العرش في الدنيا و الآخرة]
فقد بان لك معنى الثمانية التي هي مجموع الملك المعبر عنه بالعرش و هذه هي المسألة الرابعة فقد بان لك معنى الثمانية و هذه الثمانية للنسب الثمانية التي يوصف بها الحق و هي الحياة و العلم و القدرة و الإرادة و الكلام و السمع و البصر و إدراك المطعوم و المشموم و الملموس بالصفة اللائقة به فإن لهذا الإدراك بها تعلقا كإدراك السمع بالمسموعات و البصر بالمبصرات و لهذا انحصر الملك في ثمانية فالظاهر منها في الدنيا أربعة الصورة و الغذاء و المرتبتان و يوم القيامة تظهر الثمانية بجميعها للعيان و هو قوله تعالى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية