و لا خفاء عند كل أحد بفضل العرب على العجم بالكرم و الحماسة و الوفاء و إن كان في العجم كرماء و شجعان و لكن آحاد كما إن في العرب جبناء و بخلاء و لكن أحاد و إنما الكلام في الغالب لا في النادر و هذا ما لا ينكره أحد فهذا مما أوحى اللّٰه في هذه السماء فهذا كله من الأمر الذي يتنزل بين السماء و الأرض لمن فهم و لو ذكرنا على التفصيل ما في كل سماء من الأمر الذي أوحى اللّٰه سبحانه فيها لأبرزنا من ذلك عجائب ربما كان ينكرها بعض من ينظر في ذلك العلم من طريق الرصد و التسيير من أهل التعاليم و يحار المنصف منهم فيه إذا سمعه و من الوحي المأمور به في السماء الرابعة نسخه بشريعته جميع الشرائع و ظهور دينه على جميع الأديان عند كل رسول ممن تقدمه و في كل كتاب منزل فلم يبق لدين من الأديان حكم عند اللّٰه إلا ما قرر منه فبتقريره ثبت فهو من شرعه و عموم رسالته و إن كان بقي من ذلك حكم فليس هو من حكم اللّٰه إلا في أهل الجزية خاصة و إنما قلنا ليس هو حكم اللّٰه لأنه سماه باطلا فهو على من اتبعه لا له فهذا أعني بظهور دينه على جميع الأديان كما قال النابغة في مدحه
أ لم تر أن اللّٰه أعطاك سورة *** ترى كل ملك دونها يتذبذب
بأنك شمس و الملوك كواكب *** إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
و هذه منزلة محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و منزلة ما جاء به من الشرع من الأنبياء و شرائعهم سلام اللّٰه عليهم أجمعين فإن أنوار الكواكب اندرجت في نور الشمس فالنهار لنا و الليل وحده لأهل الكتب إذا أعطوا ﴿اَلْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صٰاغِرُونَ﴾ [التوبة:29] و قد بسطنا في التنزلات الموصلية من أمر كل سماء ما إذا وقفت عليه عرفت بعض ما في ذلك و من الوحي المأمور به في السماء الخامسة من هناك المختص بمحمد صلى اللّٰه عليه و سلم أنه ما ورد قط عن نبي من الأنبياء أنه حبب إليه النساء إلا محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و إن كانوا قد رزقوا منهن كثيرا كسليمان عليه السّلام و غيره و لكن كلامنا في كونه حبب إليه و ذلك أنه صلى اللّٰه عليه و سلم كان نبيا و آدم بين الماء و الطين كما قررناه و على الوجه الذي شرحناه فكان منقطعا إلى ربه لا ينظر معه إلى كون من الأكوان لشغله بالله عنه فإن النبي مشغول بالتلقي من اللّٰه و مراعاة الأدب فلا يتفرغ إلى شيء دونه فحبب اللّٰه إليه النساء فأحبهن عناية من اللّٰه بهن فكان صلى اللّٰه عليه و سلم بحبهن بكون اللّٰه حببهن إليه خرج مسلم في صحيحه في أبواب الايمان أن رجلا قال لرسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إني أحب أن يكون نعلي حسنا و ثوبي حسنا «فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إن اللّٰه جميل يحب الجمال»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية