﴿إِنَّ هٰذٰا لَشَيْءٌ عُجٰابٌ﴾ [ص:5] إنه من قول الكفار حيث دعاهم إلى توحيد إله و هم يعتقدون كثرتها و هو عندنا من قول الحق أو قول الرسول و أما قول الكفار فانتهى في قوله ﴿إِلٰهاً وٰاحِداً﴾ [البقرة:133] و التعجب إنه يأول العقل يعلم الإنسان أن الإله لا يكون بجعل جاعل فإنه إله لنفسه و لهذا وقع التوبيخ بقوله تعالى ﴿أَ تَعْبُدُونَ مٰا تَنْحِتُونَ﴾ [الصافات:95] و الإله في ضرورة العقل لا يتأثر و قد كان هذا خشبة يلعب بها أو حجرا يستجمر به ثم أخذه و جعله إلها يذل و يفتقر إليه و يدعوه خوفا و طمعا فمن مثل هذا يقع التعجب مع وجود العقل عندهم فوقع التعجب من ذلك ليعلم من حجب العقول عن إدراك ما هو لها بديهي و ضروري ذلك لتعلموا إن الأمور بيد اللّٰه و أن الحكم فيها لله و أن العقول لا تعقل بنفسها و إنما تعقل ما تعقله بما يلقي إليها ربها و خالقها و لهذا تتفاوت درجاتها فمن عقل مجعول عليه قفل و من عقل محبوس في كن و من عقل طلع على مرآته صدا فلو كانت العقول تعقل لنفسها لما أنكرت توحيد موجدها في قوم و علمته من قوم و الحد و الحقيقة فيهما على السواء فلهذا جعلنا قوله تعالى ﴿إِنَّ هٰذٰا لَشَيْءٌ عُجٰابٌ﴾ [ص:5]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية