و اعلم أن محق المحق أتم عند أهل اللّٰه في الدنيا و المحق أتم في الآخرة و محق المحق لا يفوز به إلا أخص أهل اللّٰه و هو للعقول المنورة هياكلها و المحق يفوز به الخصوص و هو للنفوس المنورة جعلنا اللّٰه ممن محق محقه فانفرد به حقه و هذه التي تسمى خلوة الحق فإنه لا يشهد و لا يرى و إن علمه بعض الناس فلا يكون مشهودا له و من هذه الحقيقة اتخذ أهل اللّٰه الخلوة للانفراد لما رأوه تعالى اتخذها للانفراد بعبده و لهذا لا يكون في الزمان إلا واحد يسمى الغوث و القطب و هو الذي ينفرد به الحق و يخلو به دون خلقه فإذا فارق هيكله المنور انفرد بشخص آخر لا ينفرد بشخص في زمان واحد و هذه الخلوة الإلهية من علم الأسرار التي لا تذاع و لا تفشي و ما ذكرناها و سميناها إلا لتنبيه قلوب الغافلين عنها بل الجاهلين بها فإني ما رأيت ذكرها أحد قبلي و لا بلغني مع علمي بأن خاصة أهل اللّٰه بها عالمون و قد ورد خبر صحيح في التنبيه على هذا يوم القيامة حيث الجمع الأكبر في انفراد العبد مع ربه وحده فيضع كنفه عليه و يقرره على ما كان منه ثم يقول له إني سترتها عليك في الدنيا و أنا أسترها عليك هنا ثم يأمر به إلى الجنة فنبه على الانفراد بالله و نبهناك نحن على الانفراد الإلهي بالعبد و ذلك العبد عين اللّٰه في كل زمان لا ينظر الحق في زمانه إلا إليه و هو الحجاب الأعلى و الستر الأزهى و القوام الأبهى
«الباب السادس و الخمسون و مائتان في معرفة الإبدار و أسراره»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية