و قال ﴿أَ فَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لاٰ يَخْلُقُ﴾ [النحل:17] ففرق بين من يخلق و من لا يخلق و حدود الأشياء أظهرته التفرقة بين الأشياء و بالتفرقة ظهرت المقامات و الأحوال و كثرت مراتب الخلق و تميزت بها فلله ثمانون عبدا حققهم بحقائق الايمان و لله مائة عبد حققهم بحقائق النسب الإلهية و الأسماء و لله ستة آلاف عبد و يزيدون حققهم بحقائق النبوة المحمدية و لله ثلاثمائة عبد حققهم بحقائق الأخلاق الإلهية ففرق عزَّ وجلَّ بين عباده بالمراتب و عين الجمع هو عين التفرقة إذ هو دليل على الكثرة و إنما سمي جمعا من أجل العين الواحدة التي تجمع هذه التفرقة فقول من قال في التفرقة إنها إشارة من أشار إلى خلق بلا حق فمشهوده ما أعطته الحدود و الحدود لم يكن لها ظهور إلا في الخلق إذ كان الحق لا يعرف لأنه الغني عن العالمين أي هو المنزه عن إن تدل عليه علامة فهو المعروف بغير حد المجهول بالحد و الحدود أظهرت التفرقة بين الخلق و كل إنسان من أهل الذوق لا يتعدى في أخباره منزلة شهوده و ذوقه لأنهم أهل صدق لا يخبرون أبدا إلا عن شهود لا عن خبر و أما قول الدقاق الفرق ما نسبت إليك فهو ما ذكرناه فإنه ما نسب إليك إلا الحدود إذ الحق لا ينسب إليه حد و جميع ما ينسب إلى العبد فما له إلى الفناء و العدم و ما ينسب إلى الحق فما له إلى البقاء و الوجود فكن ممن ينسب إلى الحق و لا ينسب إلى الخلق و هو معنى قوله تعالى ﴿مٰا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ﴾ [النحل:96]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية