﴿وَ أَرْسَلْنَا الرِّيٰاحَ لَوٰاقِحَ﴾ [الحجر:22] و هذا معروف بالمشاهدة في تلقيح الثمار فالهواء ينكح بما يحمله من روائح الذكورية و العقيم منه ما عدا اللواقح و اللواقح من الرياح ليست مخصوصة بالثمر و إنما هي كل ريح تعطي الصور و العقيم كل ريح تذهب بالصور فالهواء الذي يشعل النار من الرياح اللواقح و الذي يطفئ السرج من الريح العقيم و إن كانت واحدة في العين فما هي واحدة عند من يرى تجديد العالم في كل نفس فإنهم في لبس من خلق جديد و أصل هذا في العلم الإلهي أن اللواقح ما تعطيه الربوبية من وجود أعيان المربوبين و العقيم سبحات الوجه المذهبة أعيان الكائنات من خلقه و مما وجد من العالم في الهواء البرد و الثلج و الجليد إذا غلب عليه برد الماء فتشكل البرد من استدارته و جليده من اليبوسة التي تعطيه برد التراب و الثلج دون الجليد في اليبوسة و المطر من رطوبته و ما يزيده الماء من رطوبته فإنه يزيد في كميتها و يتكون في هذا الهواء في الجبال التي ذكر اللّٰه أمرها في قوله ﴿وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّمٰاءِ مِنْ جِبٰالٍ فِيهٰا مِنْ بَرَدٍ﴾ [النور:43] و قد بيناها فيما قبل من هذا الكتاب تغلب الرطوبة في الهواء بما يزيده في رطوبته الماء و تعطيه النار من الحرارة ما يزيد في كمية حرارة الهواء فيحدث في الجو في هذه الجبال تعفين لأن هذه الأركان مركبة من الأربع الحقائق الطبيعية كل ركن منها و هذا سبب قبولها صور الكائنات فيها و لو لم يكن كذلك ما قبلت المولدات فإذا تعفن ما تعفن من ذلك كون اللّٰه في ذلك التعفين حيوانات هوائية جوية على صور حيات بيض و حيوانات للاستدارة أما هذه المستديرة فرأيناها و أما الحيات البيض فرأينا من رآها و قد وقفنا على ذكرها في بعض كتب الأنواء و إن البزاة البلنسية إذا علت في الجو في أوقات و وقعت بشيء منها نزلت بها على مرأى من أصحابها و ممن رآها والدي و قد نزل بها البازي من الجو في أيام السلطان محمد بن سعد صاحب شرق الأندلس و هذا الصنف المستدير الذي عايناه من ذلك التكوين يسمى بالأندلس بالشلمندار و أكثر ما ينزل في الكوانين مع المطر و فيه خواص إذا لعق باللسان لكن خرجت عني معرفة تلك الخواص في هذا الوقت و هو مجرب عندنا و مما يحدث في هذا الركن مما يلي ركن النار منه الصواعق و هي هواء محترق و البروق و هو هواء مشتعل تحدثه الحركة الشديدة و الرعود و هو هبوب الهواء تصدع أسفل السحاب إذا تراكم و هو تسبيح إذ كل صوت في العالم تسبيح لله تعالى حتى الصوت بالكلمة القبيحة هي قبيحة و هي تسبيحة بوجه يعلمه أهل اللّٰه في أذواقهم لمن عقل عن اللّٰه و هذا الملك المسمى بالرعد هو مخلوق من الهواء كما خلقنا نحن من الماء و ذلك الصوت المسمى عندنا بالرعد تسبيح ذلك الملك و في ذلك الوقت يوجده اللّٰه فعينه نفس صوته و يذهب كما يذهب البرق و ذوات الأذناب فهذه حوادث هذا الركن في العالم العنصري و له حرف الزاي و هو من حروف الصفير فهو مناسب له لأن الصفير هواء بشدة و ضيق و له الشولة و هي حارة فافهم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية