هذا الاسم أعطى السدرة نبقها و خضرتها و نورها منه و من الاسم اللّٰه و أعطى الاسم الرحمن من نفسه عرفها كما قال في الجنة ﴿عَرَّفَهٰا لَهُمْ﴾ [محمد:6] يعني بالنفس من العرف و هي الرائحة و من الاسم اللّٰه أصولها و زقومها لأهل جهنم و قد جلل اللّٰه هذه السدرة بنور الهوية فلا تصل عين إلى مشاهدتها فتحدها أو تصفها و النور الذي كساها نور أعمال العباد و نبقها على عدد نسم السعداء لا بل على عدد أعمال السعداء لا بل هي أعيان أعمال السعداء و ما في جنة الأعمال قصر و لا طاق إلا و غصن من أغصان هذه السدرة داخل فيه و في ذلك الغصن من النبق على قدر ما في العمل الذي هذا الغصن صورته من الحركات و ما من ورقة في ذلك الغصن إلا و فيها من الحسن بقدر ما حضر هذا العبد مع اللّٰه في ذلك العمل و أوراق الغصن بعدد الأنفاس في ذلك العمل و شوك هذه السدرة كله لأهل الشقاء و أصولها فيهم و الشجرة واحدة و لكن تعطي أصولها النقيض مما تعطيه فروعها من كل نوع فكل ما وصفنا به الفروع حد النقيض في الأصول و هذا كثير الوقوع في علم النبات كما حكي أن أبا العلا بن زهر و كان من أعلم الناس بالطب و لا سيما بعلم الحشائش و أبا بكر بن الصائغ المعروف بابن باجة و كان دون ابن زهر في معرفة الحشائش إلا أنه كان أفضل منه في العلم الطبيعي و كان يتخيل في زعمه أنه أعلم من ابن زهر في علم الحشائش فركبا يوما فمرا بحشيشة فقال ابن زهر لغلامه اقطع لنا من هذه الحشيشة و أشار إلى حشيشة معينة فأخذ شيئا منها و فتلها في يده و قربها من أنفه كأنه يستنشقها ثم قال لأبي بكر انظر ما أطيب ريح هذه الحشيشة فاستنشقها أبو بكر فرعف من حينه فما ترك شيئا يمكن في علمه أن يقطع به الرعاف مما هو حاضر إلا و عمله و ما نفع حتى كاد يهلك و أبو العلا يتبسم و يقول يا أبا بكر عجزت قال نعم فقال أبو العلا لغلامه استخرج لي أصول تلك الحشيشة فجاء بها فقال له يا أبا بكر استنشقها فاستنشقها أبو بكر فانقطع الدم عنه فعلم فضله عليه في علم الحشائش و أسعد الناس بهذه السدرة أهل بيت المقدس كما «أن أسعد الناس بالمهدي أهل الكوفة»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية