﴿ذٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [الأنعام:96] فالمنازل مقادير التقاسيم التي في فلك البروج عينها الحق تعالى لنا إذ لم يميزه البصر بهذه المنازل و جعلها ثماني و عشرين منزلة من أجل حروف النفس الرحماني و إنما قلنا ذلك لأن الناس يتحيلون أن الحروف الثمانية و العشرين من المنازل حكم هذا العدد لها و عندنا بالعكس بل عن هذه الحروف كان حكم عدد المنازل و جعلت ثماني و عشرين مقسمة على اثني عشر برجا ليكون لكل برج في العدد الصحيح قدم و في العدد المكسور قدم إذ لو كان لبرج من هذه البروج عدد صحيح دون كسر أو مكسور دون صحيح لم يعم حكم ذلك البرج في العالم بحكم الزيادة و النقص و الكمال و عدم الكمال و لا بد من الزيادة و النقص لأن الاعتدال لا سبيل إليه لأن العالم مبناه على التكوين و التكوين بالاعتدال لا يصح فلا بد من عدد مكسور و صحيح في كل برج فكان لكل برج منزلتان و ثلث فثم برج يكون له منزلتان صحيحتان و ثلث منزلة كسر و ثم برج يكون له منزلة صحيحة في الوسط و يكون في آخره كسر و في أوله كسر فيلفق من الكسرين منزلة صحيحة مختلفة المزاج و ثلث منزلة و إنما قلنا مختلفة المزاج فإن كل منزلة على مزاج خاص فإذا جمع جزء منزلة إلى جزأي منزلة أخرى ليكمل بذلك عين منزلة لأن المنزلة مثلثة كالبرج له ثلاثة وجوه و من وجوه منازله سبعة وجوه فكل برج ذو سبعة أوجه و له من نفسه ثلاثة أوجه فكان المجموع عشرة أوجه فالمنزلة الصحيحة ذات مزاج واحد و المنزلة الكائنة من منزلتين بمنزلة المولد من اثنين يحدث له مزاج آخر ليس هو في كل واحد من الأبوين و فيه سر عجيب و هو أحدية المجموع فإن لها من الأثر ما ليس لاحدية الواحد أ لا ترى أن العالم ما وجد إلا بأحدية المجموع و أن الغني لله ما ثبت إلا بأحدية الواحد فهذا الحكم يخالف هذا الحكم بلا شك فالثريا لها مزاج خاص و قد أخذ الحمل منها ثلثها و جاء الثور يحتاج إلى منزلتين و ثلث فأخذ منزلة الدبران صحيحة بمزاج واحد أحدي و بقي له منزلة و ثلث لم يجد منزلة صحيحة ما يأخذ فأخذ ثلثي الثريا و أضاف إلى ذلك ثلثي الهقعة فكملت له منزلة واحدة بأحدية المجموع فتعطيه هذه المنزلة عين حكم الثريا و عين حكم الهقعة ثم يأخذ الثلث الثاني من الهقعة فلا يعمل من الهقعة إلا بالثلث الوسط و أما الثلث الأول المضاف إلى ثلثي الثريا لكمال المنزلة فإنه يحدث لهذا الثلث و يحدث لثلث الثريا بكمال و صورة منزلة ما هي عين واحدة منهما حكم ليس هو لثلثي أحدهما و لا لثلث الآخر فهذا هو السبب الذي يكون لأجله للبرج ثلاثة أوجه فمنه برج خالص و برج ممتزج و هل كل برج يكون من ثلثين و ثلثين و هي بروج معلومة يعينها لك تقسيم المنازل عليها و قد تكون المنزلة المركبة قامت من منزلة سعيدة و نحسة فتعطي بالمجموع سعدا و لا يظهر لنحس الأخرى أثر و قد تعطي نحسا و لا يظهر لسعد الأخرى أثر بخلاف المنزلة الصحيحة فإنها تجري على ما خلقت له فإن اللّٰه أعطاها خلقها كما أعطى للمركبة خلقها فكل علامة و دليل على برج لا بد فيه من التركيب و يكون بالتثليث فإن الدليل أبدا مثلث النشأة لا بد من ذلك مفردان و جامع بينهما و هو الوجه الثالث لا بد من ذلك في كل مقدمتين من أجل الإنتاج كل أ ب و كل ب ج فتكررت الباء فقام الدليل من ألف با جيم فالوجه الجامع الباء لأنه تكرر في المقدمتين فانتج كل ألف جيم و هو كان المطلوب الذي ادعاه صاحب الدعوى فإنه ادعى أن كل ألف جيم فنوزع فساق الدليل بما اعترف به المنازع فإنه سلم إن كل أ ب و سلم أن كل ب ج فثبت عنده صحة قول المدعي أن كل أ ج فمن هنا ظهرت البراهين في عالم الإنسان و عن هذه التقاسيم التي أعطت المنازل في البروج و بعد أن علمت هذا
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية