«قال ﷺ أنت كما أثنيت على نفسك» و قد أثنى على نفسه بما يقول فيه دليل العقل إنه لا يجوز عليه ذلك و ينزهه عنه و هذا غاية الذم و تكذيب الحق فيما نسبه إلى نفسه و علمك بأنك أعرف به منه فاحذر أن تنزهه عن أمر ثبت في الشرع أنه وصف له كان ما كان و لا تسبحه تسبيحة واحدة بعقلك جملة واحدة و قد نصحتك فإن الأدلة العقلية كثيرة التنافر للادلة الشرعية في الإلهيات فسبح ربك بكلام ربك و بتسبيحه لا بعقلك الذي استفاده من فكره و نظره فإنه ما استفاد أكثر ما استفاد إلا الجهل فتحفظ مما ذكر لك فإنه داء عضال قليل فيه الشفاء فذم بذم اللّٰه و امدح بمدح اللّٰه و ارحم برحمة اللّٰه و ألعن بلعنة اللّٰه تفز بالعلم و تملأ يديك من الخير و التسبيح ثناء كل موجود في العالم لا غير التسبيح و هذا هو الذي أضل العقلاء و هو من المكر الإلهي الخفي و غابت عقولهم عن قوله تعالى بحمده و هو ما ذكرناه فقال تعالى ﴿وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء:44] و ما قال يحمد و لا يكبر و لا يهلل فإنها كلها ثناء بإثبات وجودي و التسبيح ثناء بعدم فدخله المكر الإلهي فأثر في العقول المفكرة فجاء العارفون فوجدوا اللّٰه قد قيد تسبيح كل شيء بحمده المضاف إليه فسبحوه بما أثنى على نفسه فما استنبطوا شيئا بخلاف الناظرين بعقولهم في الإلهيات و لهذا قال ﴿وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء:44] لأنهم نسوا بحمده حجتهم عن ذلك أدلة عقولهم إذ ستر اللّٰه عنها ذلك بستر أفكارهم فلم يؤاخذهم على ذلك لقوله
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية