[السماع الذي يتركه الغناء]
السماع المطلق لا يمكن تركه و الذي يتركه الأكابر إنما هو السماع المقيد المتعارف و هو الغناء قيل لسيدنا أبي السعود ابن الشبلي البغدادي ما تقول في السماع فقال هو على المبتدئ حرام و المنتهي لا يحتاج إليه فقيل له فلمن فقال لقوم متوسطين أصحاب قلوب و جاءت امرأة إلى رسول اللّٰه ﷺ فقالت يا رسول اللّٰه إني نذرت أن أضرب بين يديك بالدف فقال لها إن كنت نذرت و إلا فلا فهو و إن كان مباحا فالتنزيه عنه عند الأكابر أولى و كان أبو يزيد البسطامي يكرهه و لا يقول به و قيل لابن جريج فيه فقال ليتني أخرج منه رأسا برأس لا علي و لا لي
[رأى ابن العربي في السماع]
و أما مذهبنا فيه فإن الرجل المتمكن من نفسه لا يستدعيه و إذا حضر لا يخرج بسببه و هو عندنا مباح على الإطلاق لأنه لم يثبت في تحريمه شيء عن رسول اللّٰه ﷺ فإن كان الرجل ممن لا يجد قلبه مع ربه إلا فيه فواجب عليه تركه أصلا فإنه مكر إلهي خفي ثم إن كان يجد قلبه فيه و في غيره و على كل حال و لكنه يجده في النغمات أكثر فحرام عليه حضوره و لا أعني بالنغمات المسموعة في الشعر فقط و إنما أعني بوجود النغمة في الشعر و في غيره حتى في القرآن إذا وجد قلبه فيه لحسن صوت القارئ و لا يجد قلبه فيه عند ما يسمعه من قارئ غير طيب الصوت فلا يعول على ذلك الوجد و لا على ما يجد فيه من الرقة في الجناب الإلهي فإنه معلول و تلك رقة الطبيعة فإن كان عارفا بالتفصيل و يفرق بين سماعه الإلهي و الروحاني و الطبيعي ما يلتبس عليه و لا يخلط و لا يقول في سماع الطبيعة إنه سماعه بالله فمثل هذا لا يحجر عليه و تركه أولى و لا سيما إن كان ممن يقتدى به من المشايخ فيستتر به المدعي الكاذب أو الجاهل بحاله و إن لم يقصد الكذب
(الباب الرابع و الثمانون و مائة في معرفة مقام الكرامات)
بعض الرجال يرى كون الكرامات *** دليل حق على نيل المقامات
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية