وصف الحق من كونه اسمه الرحمن أن له نفسا ينفس به عن عباده و في ذلك النفس ظهر العالم و لذلك جعل تكوين العالم بقول ﴿كُنْ﴾ [البقرة:12] و الحرف مقطع الهواء فالهواء يولده ما هو هو لأنه لا يظهر الحرف إلا عند انقطاع الهواء و الهواء نفس و لهذا الهواء في العناصر هو نفس الطبيعة و لهذا يقبل الحروف و هو ما يظهر فيه من الأصوات عند الهبوب و الظاهر من تلك الأصوات حرف الهاء و الهمزة و هما أقصى المخارج مخارج الحروف فإنهما مما يلي القلب و هما أول حروف الحلق بل حروف الصدر فهما أول حرف يصوره المتنفس و ذلك هو التأوه لقربه من القلب الذي هو محل خروج النفس و انبعاثه فيظهر عنه جميع الحروف كما يظهر العالم بالتكوين عن قول ﴿كُنْ﴾ [البقرة:12] و هو سر عجيب سأذكره في باب النفس بفتح الفاء إن شاء اللّٰه فإذا تجلى الحق من قلب المحب و نظرت إليه عين البصيرة لأن القلب وسع الحق و رأى ما يقع من الذم على هذه النشأة الطبيعية و هي تحتوي على هذه الأسرار الإلهية و إنها من نفس الرحمن ظهرت في الكون فذمت و جهل قدرها فكثر منه التأوه لهذه القادحة لما يرى في ذلك من الوضوح و الجلاء و الناس في عماية عن ذلك لا يبصرون فيتأوه غيرة على اللّٰه و شفقة على المحجوبين «لكون النبي ﷺ جعل كمال الايمان في المؤمن أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية