«قد أوحى اللّٰه لنبيه داود أن يبني له بيتا يعني بيت المقدس فكلما بناه تهدم فقال له ربه فيما أوحى إليه أنه لا يقوم على يديك فإنك سفكت الدماء فقال له يا رب ما كان ذلك إلا في سبيلك فقال صدقت ما كان إلا في سبيلي و مع هذا أ ليسوا عبيدي فلا يقوم هذا البيت إلا على يد مطهرة من سفك الدماء فقال يا رب اجعله مني فأوحى اللّٰه إليه أنه يقوم على يد ولدك سليمان فبناه سليمان ع» فهذا عين ما نبهتك عليه إن تفطنت و من هنا تعرف الأمر على ما هو عليه و أن مبني الأمر الإلهي أبدا على هو لا هو فإن لم تعرفه كذا فما عرفته ﴿وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ﴾ [الأنفال:17] فهذا عين ما قلناه من أنه هو لا هو و هنا حارت عقول من لم يشاهد الحقائق على ما هي عليه فلما أزال العبد هذا الأذى عن جناب الحق و إن كان فيه ما في استعمال الدواء شكره اللّٰه على ذلك و الشكر يطلب المزيد فطلب من عباده سبحانه بشكره أن يزيدوه فزادوه في العمل و هو «قوله عليه السّلام أ فلا أكون عبدا شكورا» فزاد في العبادة لشكر اللّٰه له شكرا فزاد الحق في الهداية و التوفيق في موطن الأعمال حتى إلى الآخرة حيث لا عمل و لا ألم على السعداء و أما التنبيه على استعمال الدواء الكرة في إماطة الأذى عن اللّٰه فقد أبان عنه الحق في «قوله في قبضه نسمة عبده المؤمن فوصف نفسه تعالى بأنه يكره مساءة عبده لكون العبد يكره الموت و لا بد له منه» مع أنه وصفه نفسه بأنه كاره لذلك فهذا عين كراهة ما يجده المريض في شرب الدواء لأن مرتبة العلم تعطي ذلك فإنه وقوع خلاف المعلوم محال فلا بد من وجوب وجود العالم لما تعطيه الحقائق الإلهية و أين الإمكان من الوجوب فاشحذ فؤادك و اعلم ﴿فَإِنَّ اللّٰهَ شٰاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:158] فاردف وصفه نفسه بالشكر وصفه بالعلم فزد في عملك تكن قد جازيت ربك على شكره إياك على ما عملت له و ذلك العمل هو الصوم فإنه له و دفع الأذى عنه و هو
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية