﴿وَ اللّٰهُ خَلَقَكُمْ وَ مٰا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:96] و ما أشبه هذه الآية فاعلم ذلك
(وصل)و أما أمراض الأحوال
فصحبة الصالحين حتى يشتهر في الناس أنه منهم و هو في نفسه مع شهوته فإن حضروا سماعا و هو قد تعشق بجارية أو غلام و الجماعة لا تعلم بذلك فأصابه و جد و غلب عليه الحال لتعلقه بذلك الشخص الذي في نفسه فيتحرك و يصيح و يتنفس الصعداء و يقول اللّٰه اللّٰه أو هو هو و يشير بإشارات أهل اللّٰه و الجماعة تعتقد في حاله أنه حال إلهي مع كونه ذا وجد صحيح و حال صحيحة و لكن فيمن دواءه ﴿وَ قَدْ خٰابَ مَنْ دَسّٰاهٰا﴾ [الشمس:10] و ما أشبه هذه الآية من الأخبار و من أمراض الأحوال أيضا أن يلبس دون ما في نفسه دواؤه أن يلبس ما في نفسه مما يحل له لباسه و أمثال هذا فمن عرف هذه العلل و أدوائها و استعملها مع نفسه نفعها(حكي)عن الشيخ روز بهار أنه كان قد ابتلي بحب امرأة مغنية و هام فيها وجدا و كان كثير الزعقات في حال وجده في اللّٰه بحيث إنه كان يشوش على الطائفين بالبيت في زمن مجاورته فكان يطوف على سطوح الحرم و كان صادق الحال و لما ابتلي بحب هذه المغنية لم يشعر به أحد و انتقل حكم ذلك الذي كان عنده بالله بها و علم أن الناس يتخيلون فيه إن ذلك الوجد لله على أصله فجاء إلى الصوفية و خلع الخرقة و رمى بها إليهم و ذكر للناس قصته و قال لا أريد أكذب في حالي و لزم خدمة المغنية فأخبرت المرأة بحاله و وجده بها و أنه من أكابر أهل اللّٰه فاستحت المرأة و تابت إلى اللّٰه مما كانت فيه ببركة صدقه و لزمت خدمته و أزال اللّٰه ذلك التعلق بها من قلبه فرجع إلى الصوفية و لبس خرقته و لم ير أن يكذب مع اللّٰه في حاله فهكذا صدقهم فهذا حصر الأمر فإن الإنسان لا يخلو أن يقام في قول أو فعل أو حال و ما ثم رابع و كذلك صاحب القيام في حال الوجد إذا قام بوجده ثم زال عنه جلس من حينه و لا يتواجد فإن تواجد و لم يقل للحاضرين إنه متواجد فهو صاحب مرض فهذا جماع هذه المسألة و تفاريع الأقوال و الأفعال و الأحوال كثيرة فليحذر من الكذب في ذلك و ليلزم الصدق و لا يظهر للناس إلا بما يظهر لله في الموطن الذي ينبغي فإن العلم بحكم اللّٰه في تفاصيل هذه الأمور شرط في أهل اللّٰه و لا بد من ذلك فما عبد اللّٰه من لم يعلم حكمه فإن اللّٰه ما اتخذ وليا جاهلا فهذا قد ذكرنا جماع أبواب المعرفة و فصولها التي إذا حصلها الإنسان سمي عارفا خاصة فإن زاد على هذا العلم بالله و ما يجب له و ما يجوز عليه و ما يستحيل و يفرق بين علمه بذاته و بين علمه بكونه إلها فهذا مقام العلماء بالله لا مقام العارفين فإن المعرفة محجة و طريق و العلم حجة و العلم نعت إلهي و المعرفة نعت كياني نفسي رباني و هذا الباب للمعرفة غير أن أصحابنا من أهل اللّٰه قد أطلقوا على العلماء بالله اسم العارفين و على العلم بالله من طريق الذوق معرفة و حدوا هذا المقام بنتائجه و لوازمه التي تظهر عن هذه الصفة في أهلها(سئل)الجنيد عن المعرفة و العارف فقال لون الماء لون إنائه أي هو متخلق بأخلاق اللّٰه حتى كأنه هو و ما هو هو و هو هو فالعارف عند الجماعة من أشعر الهيبة نفسه و السكينة و عدم العلاقة الصارفة عنه و أن يجعل أول المعرفة لله و آخرها ما لا يتناهى و لا يدخل قلبه حق و لا باطل و أن توجب له الغيبة عن نفسه لاستيلاء ذكر الحق فلا يشهد غير اللّٰه و لا يرجع إلى غيره فهو يعيش بربه لا بقلبه و أن تكون المعرفة إذا دخلت قلبه تفسد أحواله التي كان عليها بأن تقلبها إليه تعالى لا بأن تعدمها فإنها عندهم كما قال اللّٰه تعالى عن قول بلقيس
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية