و أي أذى أعظم من المن فإنه أذى نفسي و دواؤه إنه لا يرى أوصل إليه مما كان في يديه إلا ما هو له في علم اللّٰه و إن ذلك الخير إنما كان أمانة بيده ما كان له لكنه لم يكن يعرف صاحبها فلما أخرجها بالعطاء لمن عين اللّٰه في نفس الأمر حينئذ يعرف صاحب تلك الأمانة فشكر اللّٰه على أدائها و من أعطى هذا النظر فلا تصح منه منة أصلا و من أمراض الأقوال أيضا أن يفعل الرجل الخير مع بعض أولاده لأمر في نفسه و بعض أولاده ما فعل معهم ذلك الخير فيقول له قائل بحضور من لم يفعل معه ذلك من أولاده لم لم تفعل مثل ذلك مع هذا الولد الآخر فهذا من فضول الكلام حيث قاله بحضور ولده و يثمر في نفس الولد عداوة لأبيه و لا يقع مثل هذا إلا من جاهل كثير الفضول فإنها كلمة شيطانية و ليس لها دواء بعد وقوعها و أما قبل وقوعها فداؤها أن ينظر في «قول النبي ﷺ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» و من أمراض الأقوال أيضا أن يقول الإنسان أنا أقول الحق و لا أبالي عز على السامع ذلك أو لم يعز عليه من غير أن ينظر إلى فضول القول و مواطنه ثم يقول قلت لفلان الحق و عز عليه سماعه و يزكي نفسه و يجرح غيره و ينسى قوله تعالى ﴿لاٰ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوٰاهُمْ﴾ [النساء:114] و هو دواء هذه العلة الدواء
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية