[إن اللّٰه تعالى من حيث ذاته فهو الواحد الأحد]
قال اللّٰه تعالى ﴿قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ أَيًّا مٰا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ﴾ [الإسراء:110] فاعلم إن اللّٰه تعالى من حيث ذاته فهو الواحد الأحد و قال ﴿وَ لِلّٰهِ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ فَادْعُوهُ بِهٰا﴾ [الأعراف:180] فإذا دعوته عرفت من يجيبك و ما يجيبك هل يجيبك من حيث ذاته أو من حيث نسبة يطلبها ذلك الاسم ما هي عين الذات و لا يجيبك تعالى مع ارتفاع وجود تلك النسبة فإذا عرفت هذا عرفت أمورا كثيرة في عين واحدة لا تعقل الذات عند الدعاء بهذه الأسماء دون هذه النسب و لا تعقل النسب دون هذه الذات فإذا قلت يا عليم علمت إن معقوله خلاف معقول يا قدير و كذلك يا مريد و يا سميع و يا بصير و يا شكور و يا حي و يا قيوم و يا غني إلى ما شئت من الأسماء الحسنى فهذه النسب و إن كثرت فالمسمى واحد و المنسوب إليه هذه النسب واحد فإذا لا تعقل الكثرة في هذا الواحد إلا هكذا فكل اسم قد شارك الاسم الآخر و غيره من الأسماء الإلهية في دلالته على الذات مع معقولية حقيقة كل اسم إنها مغايرة لمعقولية غيره من الأسماء و تميز كل واحد منها عن صاحبه و اشتراكهم في ذات المسمى و ليست هذه الأسماء لغير من تسمى بها فالأسماء الإلهية مترادفة من وجه متباينة من وجه مشتبهة من وجه فالمترادفة كالعالم و العلام و العليم و كالعظيم و الجبار و الكبير و المشتبهة كالعليم و الخبير و المحصي و المتباينة كالقدير و الحي و السميع و المريد و الشكور و أما الضرب الآخر من الشركة في إيجاد العالم فهو باستعداد الممكن لقبول تأثير القدرة فيه إذ المحال لا يقبل ذلك فما استقلت القدرة بالإيجاد دون استعداد الممكن و لا استقل استعداد الممكن دون القدرة الإلهية بالإيجاد و هذا سار في كل ممكن ثم اشتراك آخر خصوص في بعض الممكنات و هو إذا أراد إيجاد العرض فلا بد من الاقتدار الإلهي و الإرادة الإلهية لتخصيص ذلك العرض المعين و لا بد من العلم به حتى يقصده بالتخصيص و لا بد من استعداد ذلك المراد لقبول الإيجاد و لا بد من وجود المحل لصحة إيجاد ذلك العرض إذ كان من حقيقته أنه لا يقوم بنفسه فلا بد له من محل يقوم به و لا بد لذلك المحل أن يكون على استعداد يقبل وجود ذلك العرض فيه و هذا كله ضرب من الشركة في الفعل فهذا معنى الشركة و الكثرة المطلوبة في الإلهيات في هذا الباب و لا يحتمل هذا الباب أكثر مما أومأنا إليه من هذه الأصول و تلخيص هذا الباب إن كل أمر يطلب القسمة فلا يصح فيه توحيد و أعمه المعلوم فنقول المعلومات تنقسم بوجه إلى ثلاثة أقسام إلى واجب و جائز و مستحيل ثم ما من شيء نذكره بعد هذا من موجود و معدوم و غير ذلك إلا و يقبل القسمة فأين التوحيد في كل مذكور أو معلوم فلم يبق إلا توحيد الكثرة في معلوم معين يسمى اللّٰه و هو الذي ينبغي أن يكون على كذا و كذا و تذكر ما لا تصح الألوهية إلا به و حينئذ يصح أن يكون اللّٰه و لا يشاركه في هذه الصفات بمجموعها واحد آخر فذلك يعني بقوله واحد بأحدية هذا المجموع مع أحدية العين ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
(الباب الرابع و السبعون و مائة في معرفة مقام السفر و أسراره)
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية