فما أخرجهم إلا من حكم عليهم لما توجه له حق عليهم و هو الجوع و الجوع أمر عدمي فموجود يؤثر فيه المعدوم كيف حاله مع الموجود و مثل هؤلاء المشهود لهم بالحرية و لهذا الذوق ما خرجوا إلا لطلب أداء ما عليهم من الحقوق لأنفسهم فقد استرقهم الجوع و لو لم يخرجوا و سكنوا لكانوا تحت قهر الصبر و ما تطلبه هذه الحال فغاية نسبة الفضل إليهم أنهم خرجوا كما قلنا يلتمسون أداء حقوق نفوسهم بالسعي فيها إذ كانوا متمكنين من ذلك و أعلى من هذا فلا يكون فإن قعدوا مع التمكن اتصفوا بالظلم و الجهل بالحكم الإلهي و إني تعقل الحرية فيمن هذه صفته في الدنيا و الآخرة
[الحرية حديث نفس و حال عرضى لا ثبات له مع الحضور و الصحو]
أما في الدنيا فواقع لا يقدر على إنكاره جحده و يجحده من نفسه و إن لم يركن إلى الأسباب و لا يعتمد عليها و غايته إن يعتمد على اللّٰه في استعمالها فهو عبد معلول لأنه توجه خاص و كذلك في الآخرة عبد شهوته لكونه تحت سلطانها تحكم فيه و لا معنى للعبودية إلا هذا دخوله تحت الأحكام و رق الأسباب و لما أبصر هذا العارف من نفسه علم إن الحرية حديث نفس و حال عرضي لا ثبات له مع الصحو
[ترك الحرية نعت إلهى فكيف يصح للعبد الخروج عنه]
ثم إن ترك الحرية نعت إلهي فكيف يصح له الخروج عنه و غايته إن يكون فيه بصورة حق يلتمس الدعاء و يطلب التوبة من عباده و سؤال المغفرة منهم و يذمهم إن لم يأتوا بما التمسه منهم حتى
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية