[عمل الباء في الميم]
ثم عمل الباء في الميم الخفض من طريق الشبه بالحدوث إذ الميم مقام الملك و هو العبودية و خفضتها الباء عرفتها بنفسها و أوقفتها على حقيقتها فمهما وجدت الباء وجدت الميم في مقام الإسلام فإن زالت الباء يوما ما لسبب طارئ و هو ترقي الميم إلى مقام الايمان فتح في عالم الجبروت بسبح و أشباهه فأمر بتنزيه المحل لتجلى المثل فقيل له ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى:1] الذي هو مغذيك بالمواد الإلهية فهو ربك بفتح الميم و جاءت الألف ظاهرة و زالت الباء لأن الأمر توجه عليها بالتسبيح و لا طاقة لها على ذلك و الباء محدثة مثلها و المحدث من باب الحقائق لا فعل له و لا بد لها من امتثال الأمر فلا بد من ظهور الألف الذي هو الفاعل القديم
[ظهور الألف]
فلما ظهر فعلت القدرة في الميم التسبيح فسبح كما أمر و قيل له الأعلى لأنه مع الباء في الأسفل و في هذا المقام في الوسط و لا يسبح المسبح مثله و لا من هو دونه فلا بد أن يكون المسبح أعلى و لو كنا في تفسير سورة سبح اسم ربك الأعلى لأظهرنا أسرارها فلا يزال في هذا المقام حتى يتنزه في نفسه فإن من ينزهه منزه فإنه منزه عن تنزيهه فلا بد من هذا التنزيه أن يعود على المنزه و يكون هو الأعلى فإن الحق من باب الحقيقة لا يصح عليه الأعلى فإنه من أسماء الإضافة و ضرب من وجوه المناسبة فليس بأعلى و لا أسفل و لا أوسط تنزه عن ذلك و تعالى علوا كبيرا بل نسبة الأعلى و الأوسط و الأسفل إليه نسبة واحدة فإذا تنزه خرج عن حد الأمر و خرق حجاب السمع و حصل المقام الأعلى فارتفع الميم بمشاهدة القديم فحصل له الثناء التام بتبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام فكان الاسم عين المسمى كذلك العبد عين المولى من تواضع لله رفعه اللّٰه و «في الصحيح من الأخبار أن الحق يد العبد و رجله و لسانه و سمعه و بصره» لو لم يقبل الخفض من الباء في باسم ما حصل له الرفع في النهاية في تبارك اسم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية