و اختار من الناس الرسل ليبلغوا عن اللّٰه ما هو الأمر عليه فإنه ما أخرجهم إلا للعلم به لأنه أحب أن يعرف فتعرف إليهم بالرسل بما بعثهم به من كتب و صحف فعرفوه معرفة ذاتية كما عرفوه بالعقول التي خلق لهم و أعطاها قوة النظر الفكري فعرفوه بالدلائل و البراهين معرفة وجودية سلبية لم يكن في قوة العقل في استقلاله أكثر من هذا ثم بعد ذلك جاءت الرسل من بعده بمعرفة ذاتية فعبد الخلق الإله الذي تعرف إليهم بشرعه إذ العقل لا يعطي عملا من الأعمال و لا قربة من القرب و لا صفة ذاتية ثبوتية للحق و ما حظ العقل من الشرع مما يستقل به دليله إلا ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] على زيادة الكاف لا على إثباتها صفة فاختار الرسل لتبليغ ما لا يستقل العقل بإدراكه من العلم بذاته و بما يقرب إليه من الأعمال و التروك و النسب
[اختيار الاسم اللّٰه من بين الأسماء الحسنى]
و اختار من الأسماء الاسم اللّٰه فأقامه في الكلمات مقامه فهو الاسم الذي ينعت و لا ينعت به فجميع الأسماء نعته و هو لا يكون نعتا و لهذا يتكلف فيه الاشتقاق فهو اسم جامد علم موضوع للذات في عالم الكلمات و الحروف لم يتسم به غيره جل و علا فعصمه من الاشتراك كما دل أن لا يكون ثم إله غيره
[الاختيارات الإلهية دعوة للعقول إلى الاختيار الذي هو اعتبار و استبصار]
فهذا قد ذكرنا من الاختيارات الإلهية ما يخرج مخرج التنبيه للعقول الغافلة عما دعيت إليه من الاعتبار و الإستبصار و لم نستوف الأمر حده لأنا ما نعرف بطريق الإحاطة تفصيل ما خلق اللّٰه من الموجودات و إن كنا نقدر بما أقدرنا اللّٰه على حصر الموجودات فيدخل في ذلك كل شيء و نحن ما تصدينا في هذا إلا لمعرفة آحاد ما اختاره و اصطفاه من كل نوع نوع من المخلوقات المحصورة في الوجود القائمة بنفسها و المتحيزة و غير المتحيزة من القائمة بنفسها و غير القائمة بنفسها و النوع الذي لا يقبل التحيز إلا بالتبعية و ما تألف من ذلك و ما لم يتألف و انحصرت أقسام العالم و الموجودات فيما ذكرناه
[ما يستقل به العقل في الاختيار و ما هو فوق مستواه]
و ثم تفصيل نسبي يمكن أن يستقل به العقل و هي مفاضلة الأشياء بعضها على بعض بتميز مراتبها و انفعال بعضها على بعض و تأثير بعضها في بعض و توقف بعضها على بعض و لكن مفاضلة القرب الإلهي بطريق العناية بهم لا بما تعطيه حقائقهم لا يكون ذلك إلا بتعريف اللّٰه إيانا بما يعطيه في قلوبنا من علوم الإلهام أو بما يبلغنا من ذلك في الكتب المنزلة و الإخبارات النبوية و أما طريق آخر غير ذلك فما هو ثم
[الدلالات العقلية و التعريفات الشرعية و العبادات الحقيقية]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية