لا يعتزل إلا من عرف نفسه و من عرف نفسه عرف ربه فليس له مشهود إلا اللّٰه من حيث أسماؤه الحسنى و تخلقه بها ظاهرا و باطنا و أسماؤه الحسنى سبحانه على قسمين أسماء يقبلها العقل و يستقل بإدراكها و ينسبها و يسمى بها اللّٰه تعالى و أسماء أيضا إلهية لو لا ورود الشرع بها ما قبلها فيقبلها إيمانا و لا يعقلها من حيث ذاته إلا إن أعلمه الحق بحقيقة نسبة تلك الأسماء إليه كما علمها أنبياءه و أولياءه
[صاحب العزلة و الأسماء الإلهية بشطريها:المعقول و المنقول]
فصاحب العزلة هو الذي يعتزل بما هو له من ربه من غير تخلق بما ينفرد به في زعم العقل من الأسماء الإلهية المشروعة التي لو لا الشرع ما سمي العقل اللّٰه بها فهي للحق و قد جبل الإنسان عليها و خلقه مجلى لها فهو المسمى بها و لا يتمكن له الاعتزال عن مثل هذه الأسماء الإلهية و بقي القسم الآخر من الأسماء الإلهية يعتزل عنها لما يطرأ عليه منها من الضرر كما قال ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان:49] و قوله ﴿كَذٰلِكَ يَطْبَعُ اللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّٰارٍ﴾ [غافر:35]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية