فالنفوس التي اشتراها الحق في هذه الآية إنما هي النفوس الحيوانية اشتراها من النفوس الناطقة المؤمنة فنفوس المؤمنين الناطقة هي البائعة المالكة لهذه النفوس الحيوانية التي اشتراها الحق منها لأنها التي يحل بها القتل و ليست هذه النفوس بمحل للإيمان و إنما الموصوف بالإيمان النفوس الناطقة و منها اشترى الحق نفوس الأجسام فقال اشترى من المؤمنين و هي النفوس الناطقة الموصوفة بالإيمان أنفسهم التي هي مراكبهم الحسية و هي الخارجة للقتال بهم و الجهاد فالمؤمن لا نفس له فليس له في الشفقة عليها إلا الشفقة الذاتية التي في النفس الناطقة على كل حيوان
[المجاهدون بالله هم أرباب الجهاد العام]
و أما المجاهدون الذين لم يقيدهم اللّٰه بصفة معينة لا في سبيل اللّٰه و لا فيه و لا بحق جهاد فهم المجاهدون بالله الذي ليس من صفته التقييد فجهاده في كل شيء و هو الجهاد العام و نسبة الجهاد إليه فيه الذي هو المشقة لكونه سماه مجاهدا و لم يقيد فيما ذا يجاهد فهو حكم القضاء و القدر في الأشياء التي يحصل منه الكرة في المقضي عليه بما قضى به عليه و الحق لا يريد مساءته لما له بهذا العبد من العناية «فقال في هذا المقام ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نسمة عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته و لا بد له من لقائي» يقول و لا بد له من الموت لما سبق به العلم فيقبضه عن مجاهدة مطلقة غير مقيدة بأذى و لا غيره و لكن تنبيهه تعالى بالتردد دليل على حكم مناسب حكم المجاهدة فإنه ما جاء به إلا ليقيدنا العلم بالأمر على ما هو عليه فإنه سبحانه المعلم عباده العلم و هو قوله ﴿وَ قٰالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ [القصص:80] و هو الذي أعطاهم العلم من اسمه الرحمن الذي قال فيه ﴿عَلَّمَ الْإِنْسٰانَ مٰا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق:5]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية