[لا يتوب إلا من لا يشعر و لا يبصر القرب الإلهي]
اعلم وفقك اللّٰه أنه من كان صفته ﴿وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ﴾ [الحديد:4] و هو ﴿بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾ [النساء:126] و ﴿أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللّٰهَ يَرىٰ﴾ [العلق:14] و ﴿اَلَّذِي يَرٰاكَ حِينَ تَقُومُ﴾ [الشعراء:218] و ﴿نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق:16] و ﴿نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَ لٰكِنْ لاٰ تُبْصِرُونَ﴾ [الواقعة:85] فلا يتوب إلا من لا يشعر و لا يبصر هذا القرب و الشعور علم إجمالي قطعي إن ثم مشعورا به لكن لا يعلم ما هو ذلك المشعور به فالعلم بالله شعور و الشعور لا علم بما هو عليه المشعور به و علمه بنا ليس كذلك فلا يصرف العبد معناه إلى معنى إلا و الحق في الصارف و المصروف و الصرف فإلى أين أتوب إن نادى فهو المنادي لأنه لا ينادي إلا من يسمع و هو سمعك فلا تسمع إلا به فما فقدته في ندائه إياك هذا حد العلم الصحيح و لهذا لم يأمر بالتوبة إلا المؤمنين فقال ﴿وَ تُوبُوا إِلَى اللّٰهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ﴾ [النور:31] بغير ألف لحكمة أخفاها يعرفها العالم و لا يشعر بها المؤمن فهي بالألف هاء التنبيه إذا قال أيها المؤمنون و هي بغير الألف هي هويته قرأها الكسائي برفع هاء أيه و حذف الواو لالتقاء الساكنين يقول هو المؤمنون لأنه المؤمن و ما يسمع نداء الحق إلا بالحق و السامع مؤمن و السامعون كثيرون فهو المؤمنون فترك التوبة ترك الرجوع لأنه قال ﴿اِرْجِعُوا وَرٰاءَكُمْ﴾ [الحديد:13] لمن كان في ظلمة كونه ﴿فَالْتَمِسُوا نُوراً﴾ [الحديد:13] انظروا إلى موجدكم و هو النور الذي به الظهور فإذا رأيتم النور كشف لكم عنكم فعلمتم أنه أقرب إليكم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية