﴿أَخْذَةً رٰابِيَةً﴾ [الحاقة:10] كما أنه لم يأخذهم بكونهم أذلاء خاشعين حقراء محقرين فإن الحقارة و الذلة و الصغار صفتهم
[من ظهر بصفته لم يؤاخذه اللّٰه]
فمن ظهر بصفته لم يؤاخذه اللّٰه لأنه كيف يؤاخذه إذا ظهر بما هو حق له و لما لم يكن لهم الجبروت و ما في معناه و ظهروا به أهلكهم اللّٰه فتحقق عند العارفين أنها صفة الحق تعالى ظهرت فيمن أراد اللّٰه أن يشقيه فتواضع العارفون للجبابرة و المتكبرين من العالم للصفة لا لعينهم إذ كان الحق هو مشهودهم في كل شيء حتى الانحناء في السلام عند الملاقاة ربما انحنى العارفون لإخوانهم عند ما يلقونهم في سلامهم فيسر بذلك الشخص الذي ينحني من أجله و سروره إنما هو من جهله بنفسه حيث تخيل أن ذلك الانحناء و الركوع له ممن لقيه إنما هو لما يستحقه من الرفعة فيفعله عامة الأعاجم مقابلة جهل بجهل و عادة و عرفا و هم لا يشعرون و يفعله العارفون مشاهدة جبروت إلهي يجب الانحناء له إذ لا يرون إلا اللّٰه قال لبيد
ألا كل شيء ما خلا اللّٰه باطل
و الباطل هو العدم بلا شك و الوجود كله حق فما ركع الراكع إلا لحق وجودي باطنه عدم و هو عين المخلوق
[أسماء الحق على مراتب و العالم كله مظاهرها]
فإن قلت فالراكع أيضا وجود قلنا صدقت فإن الأسماء الإلهية التي تنسب إلى الحق على مراتب في النسبة بعضها يتوقف على بعض و بعضها لها المهيمنية على بعض و بعضها أعم تعلقا و أكثر أثرا في العالم من بعض و العالم كله مظاهر هذه الأسماء الإلهية فيركع الاسم الذي هو تحت حيطة غيره من الأسماء للاسم الذي له المهيمنية عليه فيظهر ذلك في الشخص الراكع فكان انحناء حق لحق أ لا ترى الأحاديث الواردة الصحيحة بالفرح الإلهي و التبشبش و النزول و التعجب و الضحك أين هذه الصفات من ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] و من
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية