فالفقراء هم الذين يفتقرون إلى كل شيء من حيث إن ذلك الشيء هو مسمى اللّٰه فإن الحقيقة تأبى أن يفتقر إلى غير اللّٰه و قد أخبر اللّٰه أن الناس فقراء إلى اللّٰه على الإطلاق و الفقر حاصل منهم فعلمنا إن الحق قد ظهر في صورة كل ما يفتقر إليه فيه فلا يفتقر إلى الفقراء إلى اللّٰه بهذه الآية شيء و هم يفتقرون إلى كل شيء فالناس محجوبون بالأشياء عن اللّٰه و هؤلاء السادة ينظرون الأشياء مظاهر الحق تجلى فيها لعباده حتى في أعيانهم فيفتقر الإنسان إلى سمعه و بصره و جميع ما يفتقر إليه من جوارحه و إدراكاته ظاهرا و باطنا و قد أخبر الحق في الحديث الصحيح أن اللّٰه سمع العبد و بصره و يده فما افتقر هذا الفقير إلا إلى اللّٰه في افتقاره إلى سمعه و بصره فسمعه و بصره إذا مظهر الحق و مجلاه و كذلك جميع الأشياء بهذه المثابة فما ألطف سريان الحق في الموجودات و سريان بعضها في بعض و هو قوله ﴿سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [فصلت:53]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية