﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوٰالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنٰاتِ وَ لاٰ تَزِدِ الظّٰالِمِينَ إِلاّٰ تَبٰاراً﴾ [نوح:28] و مقام هؤلاء الرجال مقام الغيرة الدينية و هو مقام صعب المرتقى فإنه «صح عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم أنه قال إن اللّٰه غيور و من غيرته حرم الفواحش» فثبت من هذا الخبر أن الفاحشة هي فاحشة لعينها و لهذا حرمها قيل لمحمد عليه السلام ﴿قُلْ إِنَّمٰا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوٰاحِشَ مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا وَ مٰا بَطَنَ﴾ [الأعراف:33] أي ما علم و ما لم يعلم إلا بالتوقيف لغموض إدراك الفحش
[علل الأحكام قد تكون أعيان الأشياء]
فكل محرم حرمه اللّٰه على عباده فهو فحش و ما هو عين ما أحله في زمان آخر و لا في شرع آخر فهذا هو الذي بطن علمه فإن الخمر التي أحلت له ما هي التي حرمت عليه و منع من شربها فعلل الأحكام قد تكون أعيان الأشياء و مذاهب أهل الكلام في ذلك مختلفة و الذي يعطيه الكشف تقرير المذهبين فإن المكاشف يحكم بحسب الحضرة التي منها يكاشف فإنها تعطيه بذاتها ما هي عليه
[مقام الغيرة مقام حيرة]
و من هنا كان مقام الغيرة مقام حيرة صعب المرتقى و لا سيما و الحق وصف بها نفسه على لسان رسوله صلى اللّٰه عليه و سلم و هي من صفات القلوب و الباطن و هي تستدعي إثبات المغاير و لا غير على الحقيقة إلا أعيان الممكنات من حيث ثبوتها لا من حيث وجودها فالغيرة تظهر من ثبوت أعيان الممكنات و عدم الغيرة من وجود أعيان الممكنات فالله غيور من حيث قبول الممكنات للوجود فمن هناك حرم الفواحش
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية