[الشبه بين الحق و العبد من جهة الندب و الكراهة]
و حكم الندب و الكراهة يلحقان بالمباح و إن كان بينهما درجة فالمندوب هو ما يتعلق بفاعله الحمد و لا يذم بترك ذلك الفعل و شبهه في الجناب الإلهي ما يعطيه من النعم لعباده زائدا على ما ندعو إليه الحاجة فيحمد على ذلك و إن لم يفعله فلا يتعلق به ذم لأن الحاجة لا تطلبه إذ قد استوفت حقها فهذا شبه المندوب و أما شبه المكروه فالله يقول عن نفسه إنه يكره فإنه «قال و أكره مساءته» و قال ﴿وَ لاٰ يَرْضىٰ لِعِبٰادِهِ الْكُفْرَ﴾ [الزمر:7] و الكراهة المشروعة هي ما يحمد تاركها و لا يذم فاعلها فتشبه الندب و لكن في النقيض فإذا كان للعبد غرض فيما عليه فيه ضرر و هو أكثر ما في الناس فيسأل نيل ذلك الغرض من اللّٰه فما فعله اللّٰه له فيكره العبد ذلك الترك من اللّٰه و يقول لعل اللّٰه جعل لي في ذلك خيرا من حيث لا أشعر و هو قوله ﴿وَ عَسىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة:216] و هو ما لا يوافق الغرض و هو خير لكم فإن فعله له لا يذمه عليه فإنه يعذر من نفسه و يقول أنا طلبته فهذا عين الشبه بين العبد و الرب من جهة المكروه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية