ذرياتهم فورثوهم و صلى عليهم إن ماتوا و أقيمت فيهم أحكام الإسلام كلها مع كونهم على حال لا يعقلون جملة واحدة ثم قال ﴿وَ مٰا أَلَتْنٰاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الطور:21] يعني أولئك الصغار ما أنقصناهم شيئا من أعمالهم و أضاف العمل إليهم يعني قولهم ﴿بَلىٰ﴾ [البقرة:81] فبقي لهم على غاية التمام ما نقصهم منه شيئا لأنهم لم يطرأ عليهم حال يخرجهم في فعل ما من أفعالهم عن ذلك الإقرار الأول كما طرأ للكبير العاقل فنقص من عمله ذلك بقدر ما طرأ عليه فأنقصه اللّٰه على قدر ما نقص
[الرضيع أتم إيمانا من الكبير بلا شك]
فالرضيع أتم إيمانا من الكبير بلا شك فحجه أتم من حج الكبير فإنه حج بالفطرة و باشر الأفعال بنفسه مع كونه مفعولا به فيها كما هو الأمر عليه في نفسه فإن الأفعال كلها لله فمن كل وجه صح له الحج حقيقة و شرعا و الطفل مباشر بلا شك و غير عاقل العقل المعتبر في الكبير بلا شك و غير متلفظ بالإسلام و لا معتقد له و لا عالم به بلا شك و نريد الاعتقاد و العلم المعروف عند أهل الرسوم في العرف كل ذلك غير موجود في الصبي الرضيع و قد باشر العمل و هو معمول به و أضاف الحج إليه الشارع و الصبي مستطيع في هذه الحالة بالاستعداد الذي هو عليه أن يكون معمولا به أعمال الحج كلها فهو محل للعمل لأنه وقف به في عرفة فوقف كما يقف الراكب بدابته و ينسب الوقوف إليه و يطوف على راحلته و يسعى بين الصفا و المروة و الراحلة هي التي تسعى و تطوف و تقف و ينسب ذلك كله إليه بحكم المباشرة و أنه باشر أفعال الحج بنفسه فكذلك الصغير الرضيع يطاف به و يسعى فهو مباشر أفعال الحج و يوقف به مستطيع بالوجه الذي ذكرناه من الاستعداد لقبول ما يفعل به كما استعد الكبير الراكب لقبول ما تفعل به راحلته من سكون و حركة و ينسب العمل إليه لا إلى الراحلة جريا على حكم الأصل الإلهي حيث تنسب الأفعال إلى العباد و الأفعال أعني خلقها اللّٰه تعالى على الحقيقة و هم محال ظهورها
(وصل في فصل الاستطاعة)
فمن قائل الزاد و الراحلة و من قائل من استطاع المشي فلا تشترط الراحلة و كذلك الزاد ليس من شرطه إذا كان يمكنه الاكتساب في القافلة و لو بالسؤال هذا في المباشرة
[الراحلة عين هذا الجسم لأنه مركب الروح]
فالراحلة عين هذا الجسم لأنه مركب الروح الذي هو اللطيفة الإنسانية المنفوخة فيه فيما يصدر منه بوساطة هذا الجسم من أعمال صلاة و صدقة و حج و إماطة و تلفظ بذكر كل ذلك أعمال موصلة إلى اللّٰه عزَّ وجلَّ و السعادة الأبدية و الجسم هو المباشر لها و الروح بوساطته فلا بد من الراحلة أن تشترط في هذا العمل الخاص بهذه الصورة
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية