و ﴿نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق:16] و «قوله و من أتاني يسعى أتيته هرولة» و أمثال هذه فإن العقل السليم يحار في مثل هذه الأخبار و يتيه فهذا معنى يضل أي يحير العقول بمثل هذه الخطابات الصادرة من اللّٰه على ألسنة الرسل الصادقة المجهولة الكيفية و لا يتمكن للعقل أن يهتدي إلى ما قصده الحق بذلك مما لا يليق بالمفهوم ثم يرى العقل أنه سبحانه ما خاطبنا إلا لنفهم عنه و المفهوم من هذه الأمور يستحيل عليه سبحانه من كل وجه يفهمه العبد بضرب من التشبيه المحدث أما من طريق المعنى المحدث أو من طريق الحس و لا يتمكن للعقل أن لا يقبل هذا الخطاب فيحار فثم حيرة يخرج عنها العبد و يتمكن له الخروج منها بالعناية الإلهية و ثم حيرة لا يتمكن له الخروج عنها بمجرد ما أعطى اللّٰه للعقل من أقسام القوة التي أيده اللّٰه بها فيحار الدال في المدلول لعزة الدليل ثم يجيء الشرع بعد هذا في أمور قد حكم العقل بدليله على إحالتها فيثبت الشرع ألفاظا تدل على وجوب ما أحاله فيقبل ذلك إيمانا و لا يدري ما هو فهذا هو الحائر المسمى ضالا و «قد روى أنه قال زدني فيك تحيرا»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية