من الناس من أوجب القراءة في الصلاة و عليه الأكثر و من الناس من لم ير وجوب القراءة و من الناس من أوجبها في بعض الصلاة و لم يوجبها في بعض و الذي أذهب إليه وجوب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة و إن تركها لم تجزه صلاته ثم اختلفوا أيضا فيما يقرأ به من القرآن في الصلاة فمنهم من أوجب قراءة أم القرآن في الصلاة إن حفظها و به أقول و ما عداها من القرآن ما فيه توقيت و من هؤلاء من أوجبها في كل ركعة و منهم من أوجبها في أكثر الصلاة و منهم من أوجبها في نصف الصلاة و منهم من أوجبها في ركعة من الصلاة و منهم من أوجب قراءة القرآن أي آية اتفقت و من هؤلاء من حد ثلاث آيات من قصار الآي و آية واحدة من طوال الآي كآية الدين و هذا في الركعتين الأوليين و أما في الركعتين الأخريين فاستحب قوم التسبيح دون القراءة و اتفق الجمهور و هم الأكثرون على استحباب القراءة في الصلاة كلها و به أقول
اعتبار أهل اللّٰه في ذلك
المصلي يناجي ربه و المناجاة كلام و القرآن كلام اللّٰه و العبد قاصر أن يعرف من نفسه ما ينبغي أن يكلم به ربه في وقت مناجاته التي دعاه إليها في صلاته فعلمه ربه كيف يناجيه و بما ذا يناجيه به لما «قال قسمت الصلاة بيني و بين عبدي بنصفين» ثم قال يقول العبد ﴿اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ﴾ [الفاتحة:2] فهذا إخبار من الحق يتضمن تعليم العبد ما يناجيه به فيقول اللّٰه حمدني عبدي الحديث فما ذكر في حق المصلي إذا ناجاه أن يناجيه بغير كلامه ثم إنه تعالى عين له من كلامه أم القرآن إذ كان لا ينبغي أن يناجي إلا بكلامه و بالجامع من كلامه و لأم هي الجامعة و هي أم القرآن و بعد أن علمنا كيف نناجيه سبحانه و بما ذا نناجيه فالعالم العاقل الأديب مع اللّٰه إذا دخل في الصلاة أن لا يناجيه إلا بقراءة أم القرآن فكان هذا الحديث الصحيح عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم الذي رواه عن ربه تعالى مفسرا ل ﴿مٰا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل:20]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية