﴿أَصْحٰابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلاً﴾ [الفرقان:24]
[رفع الحجاب و التنعم بمشاهدة الذات]
إلى هنا انتهى حديث أبي بكر النقاش الذي أسندناه في باب القيامة قبل هذا في حديث المواقف ثم إن الحق تعالى بعد هذا الخطاب يرفع الحجاب و يتجلى لعباده فيخرون سجدا فيقول لهم ارفعوا رءوسكم فليس هذا موطن سجوديا عبادي ما دعوتكم إلا لتنعموا بمشاهدتي فيمسكهم في ذلك ما شاء اللّٰه فيقول لهم هل بقي لكم شيء بعد هذا فيقولون يا ربنا و أي شيء بقي و قد نجيتنا من النار و أدخلتنا دار رضوانك و أنزلتنا بجوارك و خلعت علينا ملابس كرمك و أريتنا وجهك فيقول الحق جل جلاله بقي لكم فيقولون يا ربنا و ما ذاك الذي بقي فيقول دوام رضاي عنكم فلا أسخط عليكم أبدا فما أحلاها من كلمة و ما ألذها من بشرى فبدأ سبحانه بالكلام خلقنا فقال ﴿كُنْ﴾ [البقرة:12] فأول شيء كان لنا منه السماع فختم بما به بدأ فقال هذه المقالة فختم بالسماع و هو هذه البشرى و تتفاضل الناس في رؤيته سبحانه و يتفاوتون فيها تفاوتا عظيما على قدر علمهم فمنهم و منهم ثم يقول سبحانه لملائكته ردوهم إلى قصورهم فلا يهتدون لأمرين لما طرأ عليهم من سكر الرؤية و لما زادهم من الخير في طريقهم فلم يعرفوها فلو لا أن الملائكة تدل بهم ما عرفوا منازلهم فإذا وصلوا إلى منازلهم تلقاهم أهلهم من الحور و الولدان فيرون جميع ملكهم قد كسي بهاء و جمالا و نورا من وجوههم أفاضوه إفاضة ذاتية على ملكهم فيقولون لهم لقد زدتم نورا و بهاء و جمالا ما تركناكم عليه فيقول لهم أهلهم و كذا كم أنتم قد زدتم من البهاء و الجمال ما لم يكن فيكم عند مفارقتكم إيانا فينعم بعضهم ببعض
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية