و أوجدها اللّٰه بطالع الثور و لذلك كان خلقها في الصورة صورة الجاموس سواء هذا الذي يعول عليه عندنا و بهذه الصورة رآها أبو الحكم بن برجان في كشفه و قد تمثل لبعض الناس من أهل الكشف في صورة حية فيتخيل إن تلك الصورة هي التي خلقها اللّٰه عليها كأبي القاسم بن قسي و أمثاله و لما خلقها اللّٰه تعالى كان زحل في الثور و كانت الشمس و الأحمر في القوس و كان سائر الدراري في الجدي و خلقها اللّٰه تعالى من تجلى «قوله في حديث مسلم جعت فلم تطعمني و ظمئت فلم تسقني و مرضت فلم تعدني» و هذا أعظم نزول نزله الحق إلى عباده في اللطف بهم فمن هذه الحقيقة خلقت جهنم أعاذنا اللّٰه و إياكم منها فلذلك تجبرت على الجبابرة و قصمت المتكبرين
[آلام جهنم من صفة الغضب الإلهي النازل بأهلها]
و جميع ما يخلق فيها من الآلام التي يجدها الداخلون فيها فمن صفة الغضب الإلهي و لا يكون ذلك إلا عند دخول الخلق فيها من الجن و الإنس متى دخلوها و أما إذا لم يكن فيها أحد من أهلها فلا ألم فيها في نفسها و لا في نفس ملائكتها بل هي و من فيها من زبانيتها في رحمة اللّٰه منغمسون ملتذون يسبحون ﴿لاٰ يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء:20] يقول تعالى ﴿وَ لاٰ تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوىٰ﴾ [ طه:81] أي ينزل بكم غضبي فأضاف الغضب إليه و إذا نزل بهم كانوا محلا له و جهنم إنما هي مكان لهم و هم النازلون فيها و هم محل الغضب و هو النازل بهم فإن الغضب هنا هو عين الألم فمن لا معرفة له ممن يدعي طريقتنا و يريد أن يأخذ الأمر بالتمثيل و القوة و المناسبة في الصفات فيقول إن جهنم مخلوقة من القهر الإلهي و إن الاسم القاهر هو ربها و المتحلي لها و لو كان الأمر كما قاله لشغلها ذلك بنفسها عما وجدت له من التسلط على الجبابرة و لم يتمكن لها أن تقول ﴿هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ [ق:30] و لا إن تقول أكل بعضي بعضا فنزول الحق برحمته إليها التي ﴿وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف:156] و حنانه وسع لها المجال في الدعوى و التسلط على من تجبر على من أحسن إليها هذا الإحسان و جميع ما تفعله بالكفار من باب شكر المنعم حيث أنعم عليها فما تعرف منه سبحانه إلا لنعمة المطلقة التي لا يشوبها ما يقابلها فالناس غالطون في شأن خلقها
[المنافقون في الدرك الأسفل من جهنم]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية