[من هو ملهم النفس فجورها و تقواها]
و ما ذكر سبحانه من الملهم لها بالفجور و التقوى فأضمر الفاعل فالظاهر أن الضمير المضمر يعود على المضمر في سواها و هو اللّٰه تعالى و من نظر في «قول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إن للملك في الإنسان لمة و للشيطان لمة» يعني بالطاعة و هي التقوى و المعصية و هي الفجور فيكون الضمير في ﴿فَأَلْهَمَهٰا﴾ [الشمس:8] للملك في التقوى و للشيطان في الفجور و لم يجمعهما في ضمير واحد لبعد المناسبة بينهما و كل بقضاء اللّٰه و قدره و لا يصح أن يقال في هذا الموضع إن اللّٰه هو الملهم بالتقوى و إن الشيطان هو الملهم بالفجور لما في هذا من الجهل و سوء الأدب لما في ذلك من غلبة أحد الخاطرين و الفجور أغلب من التقوى و أيضا لقوله تعالى ﴿مٰا أَصٰابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّٰهِ وَ مٰا أَصٰابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء:79] فإنه في تلك الآية ظاهر الاسم و السيئة فيها ما هي شرعا فتكون فجورا و إنما هي مما يسوءه و لا يوافق غرضه و هو في الظاهر قولهم فإنهم كانوا يتطيرون به صلى اللّٰه عليه و سلم أعني الكافرين فأمره سبحانه أن يقول ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ فَمٰا لِهٰؤُلاٰءِ الْقَوْمِ لاٰ يَكٰادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً﴾ [النساء:78]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية