«قال تعالى يا ابن آدم خيري إليك نازل و شرك إلى صاعد و أنا تحبب إليك بالنعم و أنت تتبغض إلي بالمعاصي في كل يوم يأتيني ملك كريم بقبيح فعلك يا ابن آدم ما تراقبني أ ما تعلم أنك بعيني يا ابن آدم في خلواتك و عند حضور شهواتك اذكرني و سلني أن أنزعها من قلبك و أعصمك عن معصيتي و أبغضها إليك و أيسر لك طاعتي و أحببها إليك و أزين ذلك في عينك يا ابن آدم إنما أمرتك و نهيتك لتستعين بي و تعتصم بحبلي لا أن تعصيني و تتولى عني و أعرض عنك أنا الغني عنك و أنت الفقير إلي إنما خلقت الدنيا و سخرتها لك لتستعد للقائي و تتزود منها لئلا تعرض عني و تخلد إلى الأرض اعلم بأن الدار الآخرة خير لك من الدنيا فلا تختر غير ما اخترت لك و لا تكره لقائي فإنه من كره لقائي كرهت لقاءه و من أحب لقائي أحببت لقاءه»
(وصية)إلهية برغبة و رهبة
«رويناها من حديث محمد بن مسلمة ابن وضاح من أهل قرطبة رحمه اللّٰه قال قال اللّٰه لبني إسرائيل رغبناكم في الآخرة فلم ترغبوا و زهدناكم في الدنيا فلم تزهدوا و خوفناكم بالنار فلم تخافوا و شوقناكم إلى الجنة فلم تشتاقوا و نحنا عليكم فلم تبكوا بشر القتالين بأن لله سيفا لا ينام و هو دار جهنم»
(و من وصايا)العارفين بالله تعالى
لا تبق بمودة من لا يحبك إلا معصوما من صحبك و وافقك على ما يحب و خالفك فيما يكره فإنما يصحب هواه و من صحب هواه فإنما هو طالب راحة الدنيا يا معشر المريدين من أراد منكم الطريق فليلق العلماء بالجهل و الزهاد بالرغبة و أهل المعرفة بالصمت و أوصاني شيخي رحمه اللّٰه أول ما دخلت عليه قبل أن أرى وجهه فقال لي و قد قلت له أوصني قبل إن تراني فاحفظ عنك وصيتك فلا تنظر إلي حتى ترى خلعتك علي فقال رضي اللّٰه عنه هذه همة شريفة عالية يا ولدي سد الباب و اقطع الأسباب و جالس الوهاب يكلمك من غير حجاب فعملت على هذه الوصية حتى رأيت بركتها و دخلت عليه بعد ذلك فرأى خلعتها علي فقال هكذا هكذا و إلا فلا لا ثم قال لي امح ما كتبت و آنس ما حفظت و أجهل ما علمت و كن هكذا معه على كل حال لا تتحدث معه بما قد علمته فإن في ذلك تضييع الوقت و اطلب المزيد كما أمرك في قوله لنبيه ﷺ يأمره و أمته ﴿وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ [ طه:114] اطلب الحاجة بلسان الفقر لا بلسان الحكم يقول اللّٰه لأبي يزيد البسطامي تقرب إلي بالذلة و الافتقار و قال له اترك نفسك و تعالى «أوحى اللّٰه تعالى إلى موسى عليه السّلام كن كالطير الوحداني يأكل من رءوس الأشجار و يشرب من الماء القراح إذا جنه الليل آوى إلى كهف من الكهوف استئناسا بي و استيحاشا ممن عصاني يا موسى آليت على نفسي إني لا أتم لمدبر من دوني عملا يا موسى لأقطعن أمل كل مؤمل أمل غيري و لأقصمن ظهر من استند إلي سواى» «و لأطيلن وحشة من استأنس بغيري و لأعرضن عمن أحب حبيبا سواى يا موسى إن لي عبادا إن ناجوني أصغيت إليهم و إن نادوني أقبلت عليهم و إن أقبلوا علي أدنيتهم و إن دنوا مني قربتهم و إن تقربوا مني اكتنفتهم و إن والونى واليتهم و إن صافوني صافيتهم و إن عملوا إلى جازيتهم هم في حماي و بي يفتخرون أنا مدبر أمورهم و أنا سائس قلوبهم و أنا متولي أحوالهم لم أجعل لقلوبهم راحة في شيء إلا في ذكري فذكري لاسقامهم شفاء و على قلوبهم ضياء لا يستأنسون إلا بي و لا يحطون رحال قلوبهم إلا عندي و لا يستقر بهم القرار في الإيواء إلا إلي» (حكي)
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية