﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ إِذٰا دَعٰانِ﴾ [البقرة:186] فقد أجابك إن كان سمع إيمانك مفتوحا فقد سمعتهم و إلا فاتهم إيمانك بذلك فإن دعوت بإثم أو قطيعة رحم فإن مثل هذا الدعاء لا يستجيب اللّٰه لصاحبه فإنه تعالى قد شرع لنا ما ندعوه فيه و هذا هو الاعتداء في الدعاء و إن اللّٰه يستجيب للعبد ما لم يقل العبد الداعي لم يستجب لي فإنه إذا قال لم يستجب لي فقد كذب اللّٰه في قوله ﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّٰاعِ﴾ [البقرة:186] و من كذب اللّٰه فليس بمؤمن و له الويل مع المكذبين إلا أن يتوب و عليك إذا لم تواصل صومك بتعجيل الفطر و تأخير أكلة السحور و أما العبد إذا صلى أقبل اللّٰه عليه في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت أعرض اللّٰه عنه و كان لما التفت إلا إذا التفت لأمر مشروع ليقيم بذلك الالتفات أمرا يختص بالصلاة كالتفات أبي بكر لما سبح به عند مجيء رسول اللّٰه ﷺ فذلك ما أعرض عن اللّٰه و اجتنب دخول المسجد إن كنت جنبا و قراءة القرآن و مس المصحف و كذلك الحائض فإنه أخرج عن الخلاف و كلما قدرت أن لا تفعل فعلا إلا ما يكون الإجماع عليه فهو أولى ما لم تضطر إليه مثل اجتناب أكل ثمن الكلب و كسب الحجام و حلوان الكاهن و مهر البغي و لا تقبل صدقة إن كنت ذا غنى أو قادرا على الكسب و إياك أن تتقدم على قوم إلا بإذنهم و لا تروع مسلما بما يروعه منك أي شيء كان و عليك بمجالس الذكر و لا تتصدق إلا بطيب أعني بحلال و إن كنت مجاورا بالمدينة فلا يخرجنك منها ما تلقاه من الشدة فيها من الغلاء و اللأواء و لا ترد أهل المدينة بسوء بل و لا مسلم أصلا و إذا أصبت من جهة فاجتنبها و انظر في محاسن الناس و لا تنظر من إخوانك من المؤمنين إلا محاسنهم فإنه ما من مسلم إلا و فيه خلق سيئ و خلق حسن فانظر إلى ما حسن من أخلاقه و دع عنك النظر فيما يسوء من أخلاقه و إذا صليت فأقم صلبك في الركوع و السجود و اشكر اللّٰه على قليل النعم كما تشكره على كثيرها و لا تستقلل من اللّٰه شيئا من نعمه و لا نكن لعانا و لا سبابا و إياك و بغض من ينصر اللّٰه و رسوله أو يحب اللّٰه و رسوله و لقد رأيت رسول اللّٰه ﷺ سنة تسعين و خمسمائة في المنام بتلمسان و كان قد بلغني عن رجل أنه يقع في الشيخ أبي مدين و كان أبو مدين من أكابر العارفين و كنت أعتقد فيه و كنت فيه على بصيرة فكرهت ذلك الشخص لبغضه في الشيخ أبي مدين فقال لي رسول اللّٰه ﷺ لم تكره فلانا فقلت لبغضه في أبي مدين فقال لي أ ليس يحب اللّٰه و يحبني فقلت له بلى يا رسول اللّٰه إنه يحب اللّٰه و يحبك فقال لي فلم بغضته لبغضه أبا مدين و ما أحببته لحبه اللّٰه و رسوله فقلت له يا رسول اللّٰه من الآن إني و اللّٰه زللت و غفلت و الآن فأنا تائب و هو من أحب الناس إلي فلقد نبهت و نصحت صلى اللّٰه عليك فلما استيقظت أخذت معي ثوبا له ثمن كثير أو نفقة لا أدري و ركبت و جئت إلى منزله فأخبرته بما جرى فبكى و قبل الهذية و أخذ الرؤيا تنبيها من اللّٰه فزال عن نفسه كراهته في أبي مدين و أحبه فأردت أن أعرف سبب كراهته في أبي مدين مع قوله بأن أبا مدين رجل صالح فسألته فقال كنت معه ببجاية فجاءته ضحايا في عيد الأضحى فقسمها على أصحابه و ما أعطاني منها شيئا فهذا سبب كراهتي فيه و وقوعي و الآن قد تبت فانظر ما أحسن تعليم النبي ﷺ فلقد كان رفيقا رقيقا و إذا استرعاك اللّٰه رعية مسلمين أو أهل ذمة فإياك إن تغشهم و لا تضمر لهم سوء و انظر فيما أوجب اللّٰه عليك من الحقوق لهم فأدها إليهم و عاملهم بها ظاهرا و باطنا سرا و علانية و لا تجعل ذميا خصمك يوم القيامة و إذا رأيت من أحد حالة سيئة يطلب أن تستر عليه فاستره فيها و لو لم يرد الستر فاسترها أنت عليه على كل حال و إذا أكلت طعاما فلا تأكل أكل الجبارين متكئا و كل كما يأكل العبد فاتك عبد على مائدة سيدك فتأدب و إذا رأيت من يطلب ولاية عمل فلا تسع له في ذلك فإن الولاية مندمة و حسرة في الآخرة و قد أمرك اللّٰه بالنصيحة و إذا رأيت قوما ولوا أمرهم امرأة فلا تدخل معهم في ذلك
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية