و من ذلك من فصل ما وصل من الباب 350 حكمة التفصيل لظهور وجه الدليل إذ في جبلة كل ملة طلب الأدلة لأنهم لم يكونوا ثم كانوا و وجدوا في نفوسهم افتقارا خضعوا له و استكانوا فقالوا من أو إلى من لا بد على أعياننا من زائد و لا بد أن يكون له حكم الواحد و إن اتصف بالكثرة و طريق النسب فهي غير مؤثرة في ذات هذا النسب فهو الواحد الكثير لأنه الحي العليم القدير و مع أنه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] ف ﴿هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء:1] فحكم على نفسه بحكم الجماعة و إن كان العقل يحكم فيه بالشناعة فالرجوع أولى إلى قوله و لا يصرفنك عنه صارف استشناعه و هو له فإنه لو أثر في نزاهته و قدسه ما نسب ذلك إلى نفسه فالذي هو عندنا تشبيه هو عند اللّٰه تنزيه من نزول و فرح و استواء و كينونة في سماء و عرش و عماء
[المشاورة محاورة]
و من ذلك المشاورة محاورة من الباب 351 المشاورة و إن دلت على عدم الاستقلال بجودة النظر فهي من جودة النظر و إن نبهت على ضعف الرائي فهي من الرائي عرض الإنسان ما يريد فعله على الآراء دليل على عقله التام ليقف على تخالف الأهواء فيعلم مع أحدية مطلوبه أنه و إن تفرد فله وجوه تتعدد و أي شيء أدل على أحدية الحق من مشاورة الخلق لا يطلع على مراتب العقول إلا أصحاب المشاورة و لا سيما في المسامرة فإنها أجمع للهم و الذكر و أقدح لزناد الفكر و من هنا تعرف ما يحصل لأهل الليل من جزيل النيل في نزول الحق من عرشه إلى سمائه في الثلث الباقي من الليل تهمما بعباده من أولياءه ليهبهم من آلائه و نعمه ما يقتضيه عموم جوده و كرمه
[المؤمن من لا يفضح الكاذب و يصدق المؤمن]
و من ذلك المؤمن من لا يفضح الكاذب و يصدق المؤمن من الباب 352 الكذب وجود فإنه عن شهود محله النفس و إن لم يكن من مدركات الحس و على الحقيقة فإنه محسوس في مقام التقديس و الحس أشرف من العقل لما فيه من الإطلاق فله السراح بالاستحقاق و إنه المحيط بما تعطيه الأوهام و إن أحالته الأحلام و العقول قاصرة عن نسبة الوجود إلى هذه الأعيان المتخيلة الحاصرة و ما سمي الصدق إلا لصلابته في تنوره لأنه ينكر و يغالط نفسه فيما نواه صاحبه من طريق وهمه و خياله في تصوره فلا يقدر على جحد ما أدرك و يقضي عليه في حال وجوده بالعدم فما أعظمه من مهلك فهذه مسألة ضل بها كثير و اهتدى بها كثير و ما ضل به إلا الفاسقون : و لكن أكثر الناس لا يشعرون
[الجمرات جماعات]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية