كان فيكون فعله وأثره في القوة دون الأول والثاني فلذلك لم تقع المؤاخذة معجلة فأما إمهال إلى الآخرة وإما غفران فلا يؤاخذ بذلك أبدا وفعل الله ذلك رحمة بعباده كما أنه تعالى خص النهي بآدم وحواء والنهي ليس بتكليف عملي فإنه يتضمن أمرا عدميا وهو لا تفعل ومن حقيقة الممكن أنه لا يفعل فكأنه قيل له ل تفارق أصلك والأمر ليس كذلك فإنه يتضمن أمرا وجوديا وهو أن يفعل فكأنه قيل له أخرج عن أصلك فالأمر أشق على النفس من النهي إذ كلف الخروج عن أصله فلو أن إبليس لما عصى ولم يسجد لم يقل ما قال من التكبر والفضيلة التي نسبها إلى نفسه على غيره فخرج عن عبوديته بقدر ذلك فحلت به عقوبة الله وكانت العقوبة لآدم وحواء لما تكلفا الخروج عن أصلهما وهو الترك وهو أمر عدمي بالأكل وهو أمر وجودي فشرك الله بين إبليس وآدم وحواء في ضمير واحد وهو كان أشد العقوبة على آدم فقيل لهم اهبطوا بضمير الجماعة ولم يكن الهبوط عقوبة لآدم وحواء وإنما كان عقوبة لإبليس فإن آدم أهبط لصدق الوعد بأن يجعل في الأرض خليفة بعد ما تاب عليه واجتباه وتلقى الكلمات من ربه بالاعتراف فاعترافه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية