على أكله في حاله أو شربه أو حديثه الذي هو في حديثه فإن ذلك الوارد يعم وهو قوله تعالى وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ فمن كانت أينيته في ذلك الوقت حالة الأكل أو الشرب أو الحديث أو اللعب أو ما كان بقي على حاله
[محاسبة النفس ومراعاة الأنفاس]
فلما رأت هذه الطائفة الجليلة هذا الفرق بين الواردات الطبيعية والروحانية والإلهية ورأت أن الالتباس قد ظرأ على من يزعم أنه في نفسه من رجال الله تعالى أنفوا أن يتصفوا بالجهل والتخليط فإنه محل الوجود الطبيعي فارتقت همتهم إلى الاشتغال بالنيات إذ كان الله قد قال لهم وما أُمِرُوا إِلَّ لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ والإخلاص النية ولهذا قيدها بقوله له ولم يقل مخلصين وهو من الاستخلاص فإن الإنسان قد يخلص نيته للشيطان ويسمى مخلص فلا يكون في عمله لله شيء وقد يخلص للشركة وقد يخلص لله فلهذا قال تعالى مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لا لغيره ولا لحكم الشركة فشغلوا نفوسهم بالأصل في قبول الأعمال ونيل السعادات وموافقة الطلب الإلهي منهم فيما كلفهم به من الأعمال الخالصة له وهو المعبر عنه بالنية فنسبوا إليها لغلبة شغلهم به وتحققوا إن الأعمال ليست مطلوبة
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية