ولو لم يكن منفعلا لذاته لما قبل الانفعال والأثر وكان مؤثرا فيه بخلاف الفاعل فإنه يفعل بالاختيار إن شاء فعل فيسمى فاعلا وإن شاء ترك وليس ذلك للمنفعل ولهذه الحقيقة ذكر تعالى وهو من فصاحة القرآن وإيجازه ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين فذكر المنفعل ولم يذكر ولا حار ولا بارد لما كانت الرطوبة واليبوسة عند العلماء بالطبيعة تطلب الحرارة والبرودة اللتين هما منفعلتان عنهما كما تطلب الصنعة الصانع لذلك ذكرهما دون ذكر الأصل وإن كان الكل في الكتاب المبين فلقد جاء الله سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم بعلوم ما نالها أحد سواه كما قال فعلمت علم الأولين والآخرين في حديث الضرب باليد فالعلم الإلهي هو أصل العلوم كلها وإليه ترجع وقد استوفينا ما يستحقه هذا الباب على غاية الإيجاز والاختصار فإن الطول فيه إنما هو بذكر الكيفيات وأما الأصول فقد ذكرناها ومهدناها والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء الثاني عشر
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية