وإن المنافق إذا توضأ هل أدى واجبا أم لا وهي مسألة خلاف تعم جميع الأحكام المشروعة فمذهبنا أن جميع الناس كافة من مؤمن وكافر ومنافق مكلفون مخاطبون بأصول الشريعة وفروعها وأنهم مؤاخذون يوم القيامة بالأصول وبالفروع ولهذا كان المنافق في الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ من النَّارِ وهو باطن النار وإن المنافق معذب بالنار الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ إذ أتى في الدنيا بصورة ظاهر الحكم المشروع من التلفظ بالشهادة وإظهار تصديق [الصفحة 336 من طبعة القاهرة] الرسل والأعمال الظاهرة وما عندهم في بواطنهم من الايمان مثقال ذرة فبهذا القدر تميزوا من الكفار وقيل فيهم إنهم منافقون قال تعالى إِنَّ (الله جامِعُ) الْمُنافِقِينَ والْكافِرِينَ في جَهَنَّمَ جَمِيعاً فذكر الدار فالمنافقون يعذبون في أسفل جهنم والكافرون لهم عذاب في الأعلى والأسفل
[العذاب في جهنم على مراتب وطبقات]
فإن الله قد رتب مراتب وطبقات للعذاب في نار جهنم لأعمال مخصوصة بأعضاء مخصوصة على ميزان معلوم لا يتعداه فالمؤمن ليس للنار اطلاع على محل إيمانه البتة فما له نصيب في النار الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ وإن خرج عنه هناك فإن عنايته سارية في محله من الإنسان وإنما يخرج عنه ليحميه ويرد عنه
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية