فعلموا أنها وإن كانت أشرف من أجسادها فإن الفقر والفاقة يصحبها فاعتلوا بالنظر من شيء إلى شيء وكلما وصلوا إلى شيء رأوه مفتقرا إلى شيء آخر حتى انتهى بهم النظر إلى شيء لا يفتقر إلى شيء ولا مثله شيء ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء فوقفوا عنده وقالوا هذا هو الأول وينبغي أن يكون واحدا لذاته من حيث ذاته وأن أوليته لا تقبل الثاني ولا أحديته لأنه لا شبه له ولا مناسب فوحدوه توحيد وجود ثم لما رأوا أن الممكنات لأنفسها لا تترجح لذاتها علموا أن هذا الواحد أفادها الوجود فافتقرت إليه وعظمته بأن سلبت عنه جميع ما تصف ذواتها به فهذا حد العقل
[السياسة الشرعية والنواميس الإلهية]
فبينا هم كذلك إذ قام شخص من جنسهم لم يكن عندهم من المكانة في العلم بحيث أن يعتقدوا فيه أنه ذو فكر صحيح ونظر صائب فقال لهم أنا رسول الله إليكم فقالوا الإنصاف أولى انظروا في نفس دعواه هل ادعى ما هو ممكن أو ادعى ما هو محال فقالوا إنه قد ثبت عندنا بالدليل أن لله فيضا إلهيا يجوز أن يمنحه من يشاء كما أفاض ذلك على أرواح هذه الأفلاك وهذه العقول والكل قد اشتركوا في الإمكان وليس بعض الممكنات بأولى من بعض فيما هو ممكن فما بقي لنا نظر إلا
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية