إذ كانوا على بينة من ربهم في مطاعمهم ومشاربهم وأداهم التحقق بالورع إلى الزهد في الكسب إذ كان مبني اكتسابهم الورع ليأكلوا مما يعلمون أن ذلك حلال لهم استعماله ثم عملوا على ذلك الورع في المنطق من أجل الغيبة والكلام فيم يخوض الإنسان فيه من الفضول فرأوا أن السبب الموجب لذلك مجالسة الناس ومعاشرتهم وربما قدروا على مسك نفوسهم عن الكلام بما لا ينبغي
[العزلة والانقطاع عن الناس]
لكن بعضهم أو أكثرهم عجز أن يمنع الناس بحضوره عن الكلام بالفضول وما ل يعنيهم فأداهم أيضا هذا الحرج إلى الزهد في الناس فآثروا العزلة والانقطاع عن الناس باتخاذ الخلوات وغلق بابهم عن قصد الناس إليهم وآخرون بالسياحة في الجبال والشعاب والسواحل وبطون الأودية فنفس الله عنهم من اسمه الرحمن بوجوه مختلفة من الأنس به أعطاهم ذلك نفس الرحمن فأسمعهم أذكار الأحجار وخرير المياه وهبوب الرياح ومناطق الطير وتسبيح كل أمة من المخلوقات ومحادثتهم معه وسلامهم عليه فآنس بهم من وحشته وعاد في جماعة وخلق ما لهم كلام إلا في تسبيح أو تعظيم أو ذكر آلاء إلهية
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية