مراتبهم في هذا المقام وفرقنا لك بين معصية العارفين وبين معاصي العامة من علماء الرسوم ومقلديهم فاعلم أنه حكي عن بعضهم أنه قال اقعد على البساط يريد بساط العبادة وإياك والانبساط أي التزم ما تعطيه حقيقة العبودة من حيث إنها مكلفة بأمور حدها له سيدها فإنه لو لا تلك الأمور لاقتضي مقامها الإدلال والفخر والزهو من أجل مقام من هو عبد له ومنزلته كما زها يوما عتبة الغلام وافتخر فقيل له ما هذا الزهو الذي نراه في شمائلك مما لم يكن يعرف قبل ذلك منك فقال وكيف لا أزهو وقد أصبح لي مولى وأصبحت له عبدا فما قبض العبيد من الإدلال وأن يكونوا في الدنيا مثل ما هم في الآخرة إلا التكليف فهم في شغل بأوامر سيدهم إلى أن يفرغوا منها فإذا لم يبق لهم شغل قاموا في مقام الإدلال الذي تقتضيه العبودية وذلك لا يكون إلا في الدار الآخرة فإن التكليف لهم مع الأنفاس في الدار الدنيا فكل صاحب إدلال في هذه الدار فقد نقص من المعرفة بالله على قدر إدلاله ولا يبلغ درجة غيره ممن ليس له إدلال أبدا فإنه فاتته أنفاس كثيرة في حال إدلاله غاب عما يجب عليه فيها من التكليف الذي يناقض الاشتغال به الإدلال
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية