وقسم يدرك بفعله وهو المعقول واللطيف فارتفع المعقول عن المحسوس بهذه المنزلة وهي التنزه أن تدرك بذاته وإنما يدرك بفعله ولما كانت هذه أوصاف المخلوقين [الصفحة 94 من طبعة القاهرة]
تقدس الحق تعالى عن أن يدرك بذاته كالمحسوس أو بفعله كاللطيف أو المعقول لأنه سبحانه ليس بينه وبين خلقه مناسبة أصلا لأن ذاته غير مدركة لنا فتشبه المحسوس ولا فعلها كفعل اللطيف فيشبه اللطيف لأن فعل الحق تعالى إبداع الشيء لا من شيء واللطيف الروحاني فعل الشيء من الأشياء فأي مناسبة بينهما فإذا امتنعت المشابهة في الفعل فأحرى أن تمتنع المشابهة في الذات وإن شئت أن تحقق شيئا من هذا الفصل فانظر إلى مفعول هذا الفعل على حسب أصناف المفعولات مثل المفعول الصناعي كالقميص والكرسي فوجدناه لا يعرف صانعه إلا أنه يدل بنفسه على وجود صانعه وعلى علمه بصنعته وكذلك المفعول التكويني الذي هو الفلك والكواكب لا يعرفون مكونهم ولا المركب لهم وهو النفس الكلية المحيطة بهم وكذلك المفعول الطبيعي كالموالد من المعادن والنبات والحيوان الذين يفعلون طبيعة من المفعول
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية