من طريق الفكر فاستعملت الرياضات والخلوات والمجاهدات وقطع العلائق والانفراد والجلوس مع الله بتفريغ المحل وتقديس القلب عن شوائب الأفكار إذ كان متعلق الأفكار الأكوان واتخذت هذه الطريقة من الأنبياء والرسل وسمعت أن الحق جل جلاله ينزل إلى عباده ويستعطفهم فعلمت إن الطريق إليه من جهته أقرب إليه من الطريق من فكرها ولا سيما أهل الايمان وقد سمعت
قوله تعالى من أتاني يسعى أتيته هرولة
وإن قلبه وسع جلال الله وعظمته فتوجه إليه بكله وانقطع من كل ما يأخذ عنه من هذه القوي فعند هذا التوجه أفاض الله عليه من نوره علما إلهيا عرفه بأن الله تعالى من طريق المشاهدة والتجلي لا يقبله كون ولا يرده ولذلك قال إِنَّ في ذلِكَ يشير إلى العلم بالله من حيث المشاهدة لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ ولم يقل غير ذلك
[القلب كقوة وراء طور العقل تصل العبد بالرب]
فإن القلب معلوم بالتقليب في الأحوال دائما فهو لا يبقى على حالة واحدة فكذلك التجليات الإلهية فمن لم يشهد التجليات بقلبه ينكرها فإن العقل يقيد وغيره من القوي إلا القلب فإنه لا يتقيد وهو سريع التقلب في كل حال ولذا
قال الشارع إن القلب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء
فهو يتقلب بتقلب التجليات والعقل ليس كذلك فالقلب
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية