ضرورة فإن الشريك متصور له في نفسه إلى جانب الحق الذي في نفسه متخيلا أعني من العلم بوجوده فما تركه في نفسه وحده فكان إبليس مشركا في نفسه بلا شك ول ريب ولا بد أن يحفظ في نفسه بقاء صورة الشريك ليمد بها المشركين مع الأنفاس فإنه خائف منهم أن تزول عنهم صفة الشرك فيوحدوا الله فيسعدوا فلا يزال إبليس يحفظ صورة الشرك في نفسه ويراقب بها قلوب المشركين الكائنين في الوقت شرق وغربا وجنوبا وشمالا ويرد بها الموحدين في المستقبل إلى الشرك ممن ليس بمشرك فلا ينفك إبليس دائما على الشرك فبذلك أشقاه الله لأنه لا يقدر أن يتصور التوحيد نفسا واحدا لملازمته هذه الصفة وحرصه على بقائها في نفس المشرك فإنه لو ذهبت من نفسه لم يجد المشرك من يحدثه في نفسه بالشرك فيذهب الشرك عنه ويكون إبليس لا يتصور الشريك لأنه قد زالت عن نفسه صورة الشريك فيكون لا يعلم أن ذلك المشرك قد زال عن إشراكه فدل إن الشريك يستصحب إبليس دائما فهو أول مشرك بالله وأول من سن الشرك وهو أشقى العالمين فلذلك يطمع في الرحمة من عين المنة ولهذ قلنا إن العقوبة في حق آدم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية