أصله ثم جعل له قوة عارضة وهو قوله ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثم رده إلى أصله من الضعف فقال عز وجل ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وشَيْبَةً فهذا الضعف الأخير إنما أعده لإقامة النشأة الآخرة عليه كما قامت نشأة الدنيا على الضعف ولقد علمتم النشأة الأولى
[الجزع في الإنسان دليل افتقاره إلى الله]
وإنما كان هذا ليلازم ذاته الذلة والافتقار وطلب المعونة والحاجة لي خالقه ومع هذا كله يذهل عن أصله ويتيه بما عرض له من القوة فيدعي ويقول أنا ويمني نفسه بمقابلة لأهوال العظام فإذا قرصة برغوث أظهر الجزع لوجود الألم وبادر لإزالة ذلك الضرر ولم يقربه قرار حتى يجده فيقتله وما عسى أن يكون البرغوث حتى يعتني به هذا الاعتناء ويزلزله عن مضجعه ولا يأخذه نوم فأين تلك الدعوى والإقدام على الأهوال العظام وقد فضحته قرصة برغوث أو بعوضة هذا أصله ذلك ليعلم أن إقدامه على الأهوال العظام إنما هو بغيره لا بنفسه وهو ما يؤيده الله به من ذلك كما قال وأَيَّدْناهُ أي قويناه ولهذا شرع وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ في كل ركعة ولا حول ولا قوة إلا بالله
[الوجود لذة وحلاوة والعدم ألم وارتياع]
ولما علم الإنسان أنه لو لا جود الله عز وجل لم يظهر له عين في الوجود وأن أصله لم يكن شيئا مذكورا قال تعالى وقَدْ خَلَقْتُكَ من قَبْلُ
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية