The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة حال قطب كان هجيره ومنزله سبحان اللّه

وإن ذكرتك بك فلا بد للنسبة من أثر لأن غاية شرف ذكري إياك أن أذكرك بك فتكون أنت الذاكر نفسك بلساني ونسبة الذكر إليك أكبر من نسبته إلي ولو كنت بك‏

«فصل» في الذكر لا على طريق المفاضلة

وينقسم أيضا الذاكرون به هنا على هذا الوجه إلى قسمين طائفة تمنع المفاضلة في الذكر لأنه عين كل ذاكر من حيث ما هو ذاكر فلا ترى ذاكرا إلا الله وهو من حيث هويته وعينه لا يقبل المفاضلة لأن الواحد لا يفضل نفسه فينتج له هذا الذكر على هذا الحد كشف هذا ذوقا فيتبين له أنه الحق عينه وطائفة أخرى وهم القسم الآخر لا يرون التفاضل إلا مع وجود المناسبة ولا مناسبة بين الله وبين خلقه فذكر الله نفسه ذكر وذكر العبد ربه ذكر كل على حقيقة لا يقال هذا الذكر أفضل ولا أكبر من هذا بل هو الذكر الكبير من غير مفاضلة لله تعالى وهو في حق العبد المذكور كبير عند العبد لا أكبر فإن العبد عبد لذاته والرب رب لذاته فلا يحجبنك ما تراه من تداخل الأوصاف فإن ذلك وإن كان حقيقة فكل حقيقة على ما هي عليه ما لها أثر في الأخرى يخرجها عما تقتضيه ذاتها فالحقائق لا تتبدل ولو تبدلت لارتفع العلم من الله ومن الخلق فإذا ذكر من هذه صفته أنتج له ذلك كشفا وذوقا إن الأمر كما نواه وقال به‏

«فصل» في الذكر به من حيث ما هو ذكر مشروع‏

(اعلم) أن الذاكر به على ما ذكرنا من كونه ذكرا مشروعا ينقسم إلى قسمين طائفة تذكره على أنه مشروع للخلق ويقولون بأن الله تعالى لما أوجد العالم ما خلقهم إلا ليعبدوه ويسبحوه فما من شي‏ء إلا وهو يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكن لا نفقة تسبيحه وقال وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فخلق العالم لعبادته فهؤلاء إذا ذكروا الله ذكروه من حيث إن الله شرع لهم كيف يذكرونه ولا يعلمون ما تحت ذلك الذكر المشروع عند الله وإن علموه في اللسان فينتج لهم هذا الذكر لما ذا شرعه الحق في العالم بهذا القول الخاص دون غيره أي ذكر كان والقسم الآخر يعتقد أن العالم ما اكتسب من الحق إلا الوجود وليس الوجود غير الحق فما أكسيهم سوى هويته فهو الوجود بصور الممكنات وما يذكره إلا موجود وما ثم إلا هو فما شرع الذكر إلا لنفسه لا لغيره فإن الغير ما هو ثم وهو عالم بما شرع فيفتح لصورة الممكن ما ذكرناه كشفا هذا الذكر وهو قولهم لا يذكر الله إلا الله ولا يرى الله إلا الله فالمفيد والمستفيد عين واحدة فهو ذاكر من حيث إنه قابل وهو مذكور من حيث إنه عين مقصودة بالذكر والعالم على أصله في العدم والحكم له فيما ظهر من وجود الحق فما ثم إلا الحق مجملا ومفصلا لأن المحدث إذا قرنته بالقديم لم يبق له أثر وإن بقي له عين فإن العين بلا أثر ما هي معتبرة ولهذا قلنا فيمن دل على معرفة الواجب لنفسه لا يتمكن له أن يثبت له أثرا حتى يعلم أن هذه الآثار الكائنة في العالم تحتاج إلى مستند لإمكانها فعند ذلك يقوم لهم البرهان على استنادها لواجب الوجود لنفسه وذلك كمال العلم فإن الكمال للمرتبة أي بالمرتبة والتمام بما ترجع إليه في نفسها أعني التام فينتج لهذا القسم هذا الذكر ما قررناه من أنه يستحيل أن يذكره إلا هو أو يسمع ذكره إلا هو أو يكون المذكور إلا هو ومن ذكرت به فهو المذكور لا أنت هَلْ أَتى‏ عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ من الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً حتى ذكر بربه فكان مذكورا بربه لا به وسيرد في باب الأسماء الإلهية ما يشفي في هذا النوع إن شاء الله تعالى من هذا الكتاب والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيل‏

«الباب السادس والستون وأربعمائة في معرفة حال قطب كان هجيره ومنزله سبحان الله»

إن الوجود على التسبيح فطرته *** فهو المنزه عن مثل وتشبيه‏

وثم في ثان حال جاء يعلمنا *** بأنه رب تشبيه وتنزيه‏

له النقيضان فهو الكون أجمعه *** بدري بذلك ذو فكر وتنبيه‏

[إن الله يأمرنا في القرآن بالتسبيح‏]

قال الله عز وجل فَسُبْحانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ وقد ورد الأمر بالتسبيح في القرآن في مواضع كثيرة ولكل موضع حكم ليس للآخر وتنقسم الطوائف في تسبيح الحق بحسب كل آية وردت في القرآن في التسبيح لو لا التطويل أوردناها وتكلمنا على الذاكر بها (اعلم) أن هذا الذكر ينتج للذاكر به ما قاله أبو العباس بن العريف‏

الصنهاجى في محاسن المجالس لما ذكر حال العابد والمريد والعارف قال والحق وراء ذلك كله لا بد من ذلك وإن كان مع ذلك كله أو عين ذلك كله فهو مع ذلك كله بقوله وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وهو عين ذلك كله بقوله تعالى سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَ ولَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ وهو من وراء جميع ما ذكره محيط بقوله والله من وَرائِهِمْ مُحِيطٌ وبقوله أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ مُحِيطٌ فمن أراد أن يسبح الحق في هجيره فليسبحه بمعنى قوله وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ أي بالثناء الذي أثنى به على نفسه فإنه ما أضافه إلا الله هكذا هو تسبيح كل ما سوانا فإنا لا نفقة تسبيحهم إلا إذا أعلمنا الله به وهذا ضد ما تعطيه حقيقة التسبيح بل هذا تسبيح عن التسبيح مثل قولهم التوبة من التوبة فإن التسبيح تنزيه ولا ينزه إلا عن كل نعت محدث يتصف به المخلوق وما نزل إلينا من الله نعت في كتاب ولا سنة إلا وهو شرب المخلوق وجعل ذلك تعالى حمد نفسه وذكر عن كل شي‏ء أنه يسبح بحمده أي بالثناء الذي أنزله من عنده والْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وكَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً فمن سبحه عن هذه المحامد فما سبحه بحمده بل أكذبه وإنما سبحه بعقله ودليله في زعمه والجمع بين الأمرين أن تسبحه بحمده وهو التنزيه عن التنزيه وذلك عين الاشتراك في النسبة كعدم العدم الذي هو وجود وإن أرادوا به المبالغة في التنزيه فذلك ليس بحمد الله بل حمد الله نفسه بما ذكرناه فإذا سبحه بحمده وهو الإقرار بما ورد من عنده مما أثنى به على نفسه أو مما أنزله عليك في قلبك وجاء به إليك في وجودك مما لم ينقل إليك واجعل ذلك التسبيح كالصورة واجعل قوله والحق وراء ذلك كله كالروح التي لا تشاهد عينها لتلك الصورة ويكفيك من العلم بها مشاهدتك أثرها فإنك تعلم أن وراء تلك الصورة أمرا آخر هو روحها كذلك تعلم أن الحق وراء كل ثناء لك فيه شرب ومن المحال أن يكون عندك ثناء على الله معين في الدنيا والآخرة لا يكون لك فيه شرب فإنه لا يصح لك أن تثني عليه بما لا تعقله ومهما عقلت شيئا أو علمته كان صفتك ولا بد فلا يصح في الكون على ما تعطيه الحقائق التسبيح الذي يتوهمه علماء الرسوم وإنما يصح التسبيح عن التسبيح ما دام رب وعبد ولا يزال عبد ورب فلا يزال الأمر هكذا فسبح بعد ذلك أو لا تسبح فأنت مسبح شئت أو أبيت وعلمت أم جهلت ولو لا ما هو الأمر على هذا في نفسه ما صح أن يظهر في العالم عين شرك ولا مشرك وقد ظهر في الوجود المشرك والشرك فلا بد له من مستند إلهي عنه ظهر هذا الحكم وليس إلا ما ذكرنا من أن العبد له شرب في كل ما يسبح به ربه من المحامد وأعلى المحامد بلا خلاف عقلا وشرعا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ ثم تمم الآية لنعرف المقصود ويصح أول الآية فقال وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فلو لم يتمم لكان أول الآية يؤذن بأنا لسنا بعبيد وليس هو لنا بإله فلا بد من رابط وليس إلا الاشتراك إلا أنه عين الأصل في ذلك ونحن فيه كنسبة الفرع إلى الأصل والولد إلى الوالد وإن كان على صورته فليس هو عينه فارتبط به فلا ينسب إلا إليه لأن له عليه ولادة وغيره من الناس من أبناء جنسه ما له عليه ولادة فلا يقال إنه ابنه ونسبتنا من وجه مثل هذه النسبة لأن الوجود له وهو الذي استفاد منه المحدث إلا إن النسبة التي ورد بها السمع نسبة العبد إلى السيد والمخلوق إلى الخالق والرب إلى المربوب والمقدور إلى القادر والمصنوع إلى الصانع فإن نسبة البنوة أبعد النسب لتقلبه في الأطوار بما ليس للأب فيه تعمل وإنما له إلقاء الماء في الرحم عن قصد بنوة وعن لا قصد فبعدت النسبة لذلك كانت النطفة مخلقة وغير مخلقة ولو كان الأمر فيها للأب لكانت تامة أبدا أ لا ترى إلى النسبة القربية في خلق عيسى الطير بيده ثم نفخ فأتم خلقه فقربت نسبة الخلق إليه وكذلك صنائع المخلوقين كلهم فالبنوة

من الأبوة أبعد نسبة من جميع الأمور وهي أصح النسب وما كفر من قال إن المسيح ابن الله إلا لاقتصاره وكذلك كفر من قال نَحْنُ أَبْناءُ الله وأَحِبَّاؤُهُ لاقتصارهم لأنهم ذكروا نسبة تعم كل ما سوى الله إن كانت صحيحة فإن لم تكن في نفس الأمر صحيحة فهم والعالم فيها على السواء ولما كان الأمر النسبي في تولد العالم عن الله وأن وجوده فرع عن الوجود الآلي نبه تعريضا في تصريح لمن فهم الإشارة وقسم العبارة وذلك بقوله لَوْ أَرادَ الله أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً فجوز ذلك وإنما نفي تعلق الإرادة باتخاذ الولد الإرادة لا تتعلق إلا بمعدوم والأمر وجود فلا تعلق للإرادة فإن المقصود حكم البنوة لا عين الشخص المسمى ابنا ثم تمم فقال لَاصْطَفى‏ مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ فتدبر هذه الآية إلى تمامها وكذلك قوله تعالى لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ من لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ أي ما كنا فاعلين إن نتخذه من غيرنا لأنه‏

ابن مريم المدعو بالابن ومن جعل إن شرطا لا نفيا يكون معنى إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ إن نتخذ لهوا نتخذه من عندنا لا من عندكم فإنه ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وما عِنْدَ الله باقٍ وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ فما عندنا هو عند الله ونحن من عند الله وسيأتي هذا الهجير فإنه حال بعض الأقطاب فاعترف الحق بما أنكر ولذلك يكون الإنكار اعترافا بأن دعوى المدعي باطلة فيلزمه اليمين ما لم تقم بينة وبعد أن حصل من البيان ما حصل فلا بد أن نبين ما بقي في المسألة بالإجمال وهو أن التسبيح إذا سبح به المسبح أعني بلفظه الخاص به الدال عليه فلا بد أن يقيده باسم ما من الأسماء الإلهية الظاهرة أو المضمرة والمضافة والمطلقة وهو أن يقول سبحان الله أو سبحان الرب أو العالم فهذا معنى الاسم الظاهر وأما الاسم المضمر فمثل قوله سبحانه وسبحانك وأما المضاف فقوله سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ وأما المطلق سُبْحانَ الله وتَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ فأي اسم نسبحه من أسماء الله تعالى وبأي حال نربطه فإن النتيجة التي تحصل لهذا لذاكر مناسبة لذلك الاسم ومرتبطة بتلك الحال ولا يظهر له صورة في الذاكر إلا بهذه المناسبة الخاصة فلا يتعين في هذا الذكر لنا أمر نقتصر عليه إلا ما ذكرناه مما يعم حكمه فإن النتائج تختلف فإن المحامد لا نقف عند حد والمسبح لا يسبحه إلا بحمده وتتبعنا الكتاب والسنة في طلب الأسماء فوجدناها تدور على الله والرب المضاف والاسم الناقص والاسم المضمر كالهاء والملك والعلي فالله قوله فَسُبْحانَ الله حِينَ تُمْسُونَ والرب قوله سُبْحانَ رَبِّكَ والاسم الناقص سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى‏ بِعَبْدِهِ والمضمر قوله سُبْحانَهُ وتَعالى‏ والملك مثل الذي‏

ورد في السنة سبحان الملك القدوس‏

والعلي كما

ورد في السنة سبحان العلي الأعلى‏

وقد ورد من غير تقييد في السنة مثل قوله سبوح وهذا ذكر المذكور ونتيجته أعظم النتائج لأنه كناية عن عين المسبح بالتسبيح فاسمه هنا عينه وهذا أكمل تسبيح العارفين لأنه غاب عن الاسم فيه بالمسمى‏

فاسلك مع القوم أية سلكوا *** إلا إذا ما تراهم هلكوا

وهلكهم أن ترى شريعتهم *** بمعزل عنهم إذا سلكوا

فاتركهم لا تقل بقولهم *** تأسيا بالاله إذ تركوا

فإن جماعة من العقلاء جعلوا الشريعة بمعزل فيما زعموا والشريعة أبدا لا تكون بمعزل فإنها تعم قول كل قائل واعتقاد كل معتقد ومدلول كل دليل لأنها عن الله المتكلم فيه قد نزلت وإنما قلنا في هذه الطائفة المعينة إنها جعلت الشريعة بمعزل مع كونها قالت ببعض ما جاءت به الشريعة فما أخذت من الشريعة إلا ما وافق نظرها وما عدا ذلك رمت به أو جعلته خطابا للعامة التي لا تفقه هذا إذا عرفت واعتقدت أن ذلك من عند الله لا من نفس الرسول وهو قوله تعالى الذي قال عنهم على طريق الذم لهم ويَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ ونَكْفُرُ بِبَعْضٍ ويُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وقال تعالى أَ فَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فهذا معنى قولي إنهم جعلوا الشرع بمعزل وإن كان قد جاء الشرع بما هم عليه فما أخذوا منه ما أخذوا من كون الشرع جاء به وإنما قالوا به للموافقة احتجاجا وطائفتنا لا ترمي من الشريعة شيئا بل تترك نظرها وحكم عقلها بعد ثبوت الشرع لحكم ما يأتي به الشرع إليها ويقضي به فهم سادات العالم‏

إنما القوم سادة *** ومع المجد يملكون‏

أية يسلكون كن *** معهم حيث يسلكون‏

إنما القول منه كن *** للذي شاء أن يكون‏

كل شي‏ء يريده الحق *** من فعلهم يهون‏

والذي لا يريده *** وهو سهل فلا يهون‏

[التخلق بالأسماء الإلهية سبب ربط العالم بعضه ببعض‏]

واعلم أن الله تعالى لما جعل بين الأشياء مناسبات ليربط العالم بعضه ببعض ولو لا ذلك لم يلتئم ولم يظهر له وجود أصلا وأصل ذلك المناسبة التي بيننا وبينه تعالى لولاها ما وجدنا ولا قبلنا التخلق بالأسماء الإلهية فما من حضرة له تعالى إلا ولنا فيها قدم ولنا إليها طريق أمم وسأورد ذلك إن شاء الله في باب الأسماء الإلهية من هذا الكتاب وأعظم الحضرات الإلهية في هذا الباب أنه لا يشبهه شي‏ء وما ثم إلا نحن ومن لم يشبهك فلم تشبهه فكما انتفت المثلية عنه انتفت المثلية عن العالم وهو كل ما سواه بالمجموع فإن العالم إنسان واحد كبير لا يماثل أي لا مثل له ولهذا هو كل مبدع على غير مثال‏

فلا يخلو أهل الله إما أن يجعلوا الحق عين العالم فلا يماثله شي‏ء لأنه ليس ثم إلا الله والعالم صور تجليه ليس غيره فهو له وإن كان العالم وجودا آخر فما ثم إلا الله ومسمى العالم فلا مثل لله إلا أن يكون إله ولا إله إلا الله فلا مثل لله ولا مثل للعالم إلا أن يكون عالم ولا عالم إلا هذا العالم وهو الممكنات فلا مثل للعالم فصحت المناسبة من وجهين من نفي المثلية ومن قبوله للأسماء والحضرات الإلهية وكل ما في العالم من المماثلة بعضه ببعض فإنه لا يقدح في نفي المماثلة فإن تفاصيل العالم وأجزاءه المتماثلة والمختلفة والمتضادة كالاسماء لله المختلفة والمتماثلة والمتضادة كالعليم والعالم والعلام هذه متماثلة وهو أيضا الضار النافع فهذه المتضادة وهو العزيز الحكيم فهذه المختلفة ومع هذا فليس كمثله شي‏ء فهذه الآية له ولنا من أجل الكاف والاشتراك يؤذن بالتناسب وإذا كان لا بد من التناسب فنظرنا أي شي‏ء من المناسبات بين الحج والتسبيح حتى شبهه به تعالى فقلنا إن التسبيح هو الذكر العام في قوله وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وقال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إنما شرعت المناسك لإقامة ذكر الله‏

لاختلاف العالم لأن ذكر الله كله تسبيح بحمده أي بما أثنى على نفسه كما جعل التهليل مماثلا لعتق الرقاب النفيسة والعتق إنما هو أمر يخرج العبد من العبودية ولا يخرج من العبودية إلا أن يكون الحق سمعه وبصره وجميع قواه فيكون حقا كله فناسب قوله لا إله إلا الله وقد يكون عتق الرقاب من الألوهية بالعبودة فإن الشخص يتقيد بالربوبية فيطلب منه ما ليس بيده منه شي‏ء وإنما ذلك بيد الله فيحار فيعتقه الله من هذه النسبة إليه بما أظهر فيه عند المعتقد فيه ذلك من الجبر والافتقار وسلب هذه الأوصاف فعاد حرا في عبوديته فلم يكن له قدم في الربوبية فاستراح فهذا عتق أيضا شريف حيث تخلص لنفسه من تعلق الغير به كما خلص بالتهليل الألوهة لله من رق الدعوى بالآلهة المتخذة وهو قولهم أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً كما هو الأمر في نفسه إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عُجابٌ فجعل صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم بوحيه المنزل وكشفه الممثل التهليل مناسبا لعتق الرقاب كما جعل التحميد مناسبا للحمل في سبيل الله وهو باب النعم والحمد لله شكرا لما يكون منه كما يكون من الأسباب للمسببات شكر بما نراه من آثارها فيها كما قال أَنِ اشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ وقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً وسيرد في هجير الحمد لله ما يشفي الغليل إن شاء الله تعالى وكذلك من كبر ناسب بين التكبير وبين عظم ما لصاحبه من غير تعيين وما قرنه بشي‏ء معين مثل ما فعل في التسبيح والتحميد والتهليل فقيد هناك وأطلق هنا ليشمل الذكر التقييد والإطلاق وقد

ورد في هذا خبر حسن عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أنه من سبح الله مائة بالغداة ومائة بالعشي وهو قوله عز وجل وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِها وقوله فَسُبْحانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ وقرن ذلك بالمائة

لأنه ليس لنا دار نسكنها إلا الجنة أو النار والجنة مائة درجة فمن أكملها مائة فقد حاز من كل درجة حظا وافرا بحسب ذكره بما يناسب ذلك الذكر من تلك الدرجات وكذلك دركات النار مائة درك تقابل درج الجنان له من جانب النار بهذا الذكر التنزيه من كل درك وله من الجنان الإنعام من كل درج فاعلم ذلك ثم نرجع إلى سرد الحديث وهو ما

حدثنا به زاهر بن رستم الأصفهاني عن الكروخي عن الثلاثة محمود الأزدي والترياقي والعورجي كلهم عن الجراجى عن المحبوبي عن أبي عيسى الترمذي قال حدثنا محمد بن رزين الواسطي قال حدثنا أبو سفيان الحموي عن الضحاك بن حمزة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم من سبح الله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن حج مائة حجة يعني مقبولة ومن حمد الله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن حمل على مائة فرس في سبيل الله أو قال غزا مائة غزوة ومن هلل الله مائة بالغداة ومائة بالعشي كان كمن أعتق مائة رقبة من ولد إسماعيل ومن كبر الله مائة بالغداة ومائة بالعشي لم يأت في ذلك اليوم أحد بأكثر مما أتى إلا من قال مثل ما قال أو زاد على ما قال‏

قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب ولما كان التسبيح بحمده قربة به‏

فقال في الصحيح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في سبحان الله والحمد لله إنهما يملآن أو يملأ ما بين السماء والأرض‏

وأراد قوله سبحان الله وبحمده فإن الحمد لله تملأ الميزان فإنها آخر ما يجعل في الميزان فيها يمتلئ كما قال وآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فالحمد لله له التأخير في الأمور لأن له الساقة ولا إله إلا الله له التقدمة وسبحان الله له الميسرة والله أكبر



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!